خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ
٣٤
-الأعراف

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولكلِّ أمةٍ } عصوا الله وكذبوا رسلهم { أجلٌ } أخفاه الله عنهم، يعذبهم فيه ويستأصلهم، كقوم نوح وقوم لوط، وقد كذبتم فلكم أجل، وقد قطع دابرهم يوم بدر، فذلك تهديد لأهل مكة، أو الأجل أجل الموت وهو موت كل أحد من الأمة الواحدة، وعليه فإنما أفرد الأجل لتقارب أعمار أهل كل عصر، كأنها عمر واحد، نعم مع دلالة قوله: { كل أمة } فكأنكم يا أهل مكة موتى وعالمون بما أعد لكم، وأنكم على غير شىء، وملاقون أول العذاب الأخروى أو استعمال النكرة المثبتة فى الجنس للدلالة المذكورة.
{ فإذا جاء أجَلُهم } فى الإفراد ما مر، مع أن الإضافة أكثر تسويغا له، وقرأ الحسن وابن سيرين: فإذا جاء آجالهم بالجمع، قال أبو الفتح: وهى أظهر، وهى دليل على أن الأجل أجل الموت { لا يسْتأخِروُنَ ساعةً } عنه { ولا يسْتَقدمُونَ } السين للتأكيد، أى لا يتأخرون تأخراً قليلا ولا كثيراً، ولا يتقدمون كذلك، والمقتول عندنا معشر الأباضية، وعند أهل السنة ميت لأجله غير متقدم، وزعم بعض الناس أنه متقدم وهو خطأ، فإن الله سبحانه قد قضى أنه يموت فى ذلك الوقف بسيف فلان مثلا، والمراد بالساعة ما يعم أقل قليل من الزمان كلحظة وما دونها، وإن أريد الساعة الواسعة كمقدار الساعة الفلكية وأكثر وأقل، فذلك تمثيل بما يعدونه قليلا لا قيد، فإنه لا تأخر ولا تقدم ولو أقل قليل.
وقوله: { ولا يستقدمون } مستأنف، فإن التقدم مع بقاء إلى حضور الأجل متناقض غير ممكن، فلا يحتاج الكلام إلى نفيه إلا أن يقال: المراد أنه إذا جاء أجلهم تبين أنهم ما استأخروا عنه ولا تقدموا كقوله:

إذا ما انتسبنا لم تلدنى لئيمة

أى تبين لك أنى لم تلدنى لئيمة، كذا ظهر فافهم، أو يقال: المراد أنه إذا حضرت أمارة أجلهم ومقدماته لم يتأخروا ولم يتقدموا، وأما قول بعض: إن العطف على الشرط فليسه بمزيل للأشعار، وكذا جعلها حالا من أجل أو غيره، ويجوز إبقاء السين على أصلها من الطلب، أى لا يطلبون التقديم ولا التأخير لشدة الهول أو لإياسهم.