خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٣٢
-الأنفال

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ وإذْ قالُوا } وإنما أسند القول إليهم، والقائل النظر لما مر، وقد قيل: إنهم قالوا كما قال، وقال أنس: القائل هنا أبو جهل { اللَّهمَّ إنْ كانَ هَذا } ما يقوله محمد من القرآن والوحى وأنه رسول { هُوَ الحقَّ } لفظ هو فصل، والحق خبر كان، قال الزجاج: ولا أعلم أحداً قرأ برفع الحق على أنه خبر هو، والجملة خبر كان، وقال جار الله: قرأ الأعمش بالرفع على ذلك، وأل فى الحق للعهد، أى الحق الذى يدعيه النبى صلى الله عليه وسلم، وهو كونه حقا منزلا لا الحق مطلقا، لتجويزهم أن يكون حقا غير منزل، كما اعتقدوا فى أساطير الأولين، وقيل: أرادوا بأساطير الأولين أكاذيبهم، وزاد لما ذكرته إيضاحا لقوله:
{ مِنْ عِنْدكَ } وهو حال من الحق، أو خبر ثان لكان مطلقا، أو خبر ثان للمبتدأ فى قراءة الرفع فقط، وروى أنه لما قال النظر: { إن هذا إلا أساطير الأولين } قال له النبى صلى الله عليه وسلم: "ويلك إنه كلام الله" فقال { اللهم إن كان هذا هو الحقَّ من عندك } { فامْطِرْ عَلينَا } ألْق علنيا كهيئة الأمطار { حِجارةً } عقوبة لنا على الإنكار كما فعلت بأصحاب الفيل وبقوم لوط { مِنَ السَّماءِ } فائدته مع أن الإمطار لا يكون إلا من السماء، الإشارة إلى أن الحجارة هى المسوَّمة للعذاب، المعدة فى السماء، أو أرادوا مطلق الحجارة، فقوله: { من السماء } تقوية.
{ أو ائْتنَا بعذَابٍ أليمٍ } غير أمطار الحجارة كالإحراق والإغراق، والخسف والصيحة، ونحو ذلك مما عذبت به الأمم، وهذه المقولة أبلغ فى التكذيب من الأولى، وهم فيها أشد وثوقا حتى إنهم جعلوا حقيقة ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كالمحال، بحيث علقوا بها أحد العذابين، معتقدين أنها منتفية فضلا عن أن يعذبوا، وفى ذلك أيضا تهكم منهم بالنبى صلى الله عليه وسلم ومن قال بقوله، وفى مجرد قولهم: { إن كان هذا هو الحق } أيضا تهكم بمن يقول على سبيل الحصر، إنما يقول صلى الله عليه وسلم هو الحق.
قال معاوية لرجل من سبأ: ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة، فقال: أجهل من قومى: قومك إذ قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعاهم إلى الحق: { إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة } ولم يقولوا: إن كان هذا هو الحق فاهدنا له، وما بين نزول الآية فى قول النظر وموته إلا بضعة عشر يوما.