خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ
٣٨
-الأنفال

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ قُلْ للَّذين كَفرُوا } أبى سفيان وأصحابه { إنْ ينْتَهوا } عن الكفر والمعاداة { يُغْفر لَهم ما قَدْ سَلفَ } من ذنوبهم، الإسلام جب لما قبله مطلقا، قال فى القناطر: قال عليه الصلاة والسلام: "الإسلام جبٌّ لما قبله" فوسع الله تعالى للمشرك إذا أسلم جميع ما بيده من الأموال والأنكحة، ولو اكتسبها حرام ولم يطالبه بشئ من مظالم العباد من الرماء وغيرها، وهذا من سعة رحمته تعالى انتهى.
وكذا الذمى داخل فى كون الإسلام جبا، لكن تبقى عليه حقوق الآدميين عند جار الله وهو صحيح، واختلفوا فى المرتد فقيل: إذا أسلم كان إسلامه جبا لما قبله مطلقا، وقيل: يؤخذ بحقوق الآدميين، وقيل: يلزمه قضاء ما ترك من الفرائض فى حال الردة، وقال أبو حنيفة: يلزمه قضاء ما ترك فى حالها وما قبلها فى حال الإسلام أو الشرك الأول، وقرئ يغفر بالبناء للفاعل ففيه ضمير يعود على الله.
{ وإنْ يَعودُوا } إلى المعادات والقتال، وأما الكفر فلم يفصلوا عنه فضلا عن أن يقال عادوا فيه { فَقدْ مضَتْ سُنَّة } عادة { الأولينَ } المتحزبين على أنبيائهم، وهى أن يهلكوا وبنصر الأنبياء والمؤمنون، فإن عدتم فتوقعوا وقعة كوقعة بدر، والأولون موتى بدر، وعليه السدى، وابن إسحاق، كما أن وقعة بدر أقرب إليهم، وقد عاينوها، واللام فى قوله: { للذين } للتبليغ كقولك، قل لزيد قم، فالمراد قل لهم: إن تنتهوا يغفر لكم ما قد سلف، إن تعودوا فقد مضت سنة الأولين بالتاء والكاف خطابا كما قرأ به ابن مسعود، وأثبته فى مصحفه، كما ذكر عنه الكسائى أن ذلك فى مصحفه، وجار الله أن ذلك قراءته فعدل عن ذلك الذى هو مقتضى الظاهر إلى الغيبة غضبا وصوناً إلى الحضرة عن صفة خطابهم، ولا يلزم به من ذلك، كما توهم بعضهم أنه لا يكون مؤديا للرسالة إلا بتلك الألفاظ التى فى قراءة ابن مسعود، ولك أن تجعل اللام للتعليل، أو بمعنى فى أى فى شأن الذين كفروا، فالغيبة أحق بالمقام، وهى على ظاهرها، فالمراد قل ذلك فيتوصل إليهم، وفسر أبو حنيفة العود بالارتداد، واحتج به على مقالته السابقة.