خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ
٥٦
-الأنفال

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ الَّذينَ } بدل بعض من الذين { عَاهدْتَ منْهم } رابط الموصول محذوف، أى عاهدتهم، وأما الهاء فى منهم فرابطة للبدل عائدة على الذين الأول ومن للتبعيض { ثمَّ ينْقضُونَ عَهْدهم فى كلِّ مرَّةٍ } عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قريظة أن يحاربوه، ولا يعاونوا عليه عدوه، ونقضوا بأن أعانوا مشركى مكة بالسلاح والدروع على قتاله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: نسينا وأخطأنا، ثم عاهدهم، فلما اجتمعت الأحزاب عليه صلى الله عليه وسلم وظن قريظة أنه مغلوب مستأصل فأعانوا الأحزاب بالسلاح والدروع، وركب كعب بن الأشرف، لعنه الله إلى مكة فخالف قريشا عليه، ولما انجلت الحال أمره الله بالخروج إليهم، وضربت أعناقهم بحكم سعد بن معاذ، كما يأتى إن شاء الله.
وفى متعلقة بعهدهم، كأنه قيل: ينقضون العهد الذى عهدوه فى هذه المرة، والذى عهدوه فى تلك المرة، أو متعلقة بينقضون، وتعلم من كون من للتبعيض أنها متعلقة بمحذوف حال من الذين الثانى، أو من رابطة المحذوف، وقول القاضى لتضمين المعاهدة معنى الأخذ يقتضى تعلقها بعاهدت، وليس بمغن عن تقدير مفعول لعاهدت، فالأولى ما ذكرته وفى الإبدال تلويح بأن رؤساء قريظة شر من مهائر قريظة التى هى شر الدواب، ويجوز أن يراد بالذين الثانى ما أريد بالأول، فيكون بدل كل ومن للبيان.
{ وهُم لا يتَّقونَ } مستأنف أو حال من واو ينقضون، والمراد لا يتقون عاقبة الغدر ولا يبالون بما فيه من العار والنار، أو لا يتقون الله فيه، أو لا يتقون بضرة للمؤمنين وتسليطهم عليهم، وهم لجمعهم بين الكفر والغدر من شر الدواب، فإن من شأن من يرجع إلى عقل ولو بلا دين أن يتقى الغدر ليسكن الناس إلى كلامه.