خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ
٥٩
-الأنفال

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولا تَحْسَبَنَّ } [فى قراءة بالفوقية] يا محمد { الَّذينَ } مفعول أول { كفَرُوا } وهم من نجا من المشركين يوم بدر، وقيل: يوم بدر وغيره، وبالأول قال الزهرى، وقيل: الآية مزيحة لما يحذر به من بذ العهد وإيقاظ العدو { سَبقُوا } مفعول ثان، أى لا تحسبنهم ناجين فإنهم سيدركون كما قال { إنَّهم لا يُعْجِزونَ } تعليل جملى مستأنف، وقرأ ابن عامر بفتح الهمزة على التعليل الإفرادى، أى لأنهم لا يعجزون، والمعنى لا يفوتون الله، أو لا يجعلوه عاجزا بأن يسبقوه أولا يجدونه عاجزا، ويضعف جعل سبقوا حالا، وأنهم لا يعجزون بالكسر مفعولا على زيادة لا، فإن الأجل عدم الزيادة.
وقرأ ابن عامر، وحمزة، وحفص يحسبن بالمثناة التحتية، قال بعضهم: مع فتح السين، والمشهور عنهم الكسر، ففى يحسب ضمير يعود إلى أحد أى لا يحسبن أحد، أو إلى الحاسب، أو المؤمن، أو الرسول، أو إلى من فى قوله: { من خلفهم } وفى مفعولية الوجهان المذكوران، ويجوز كون الذين فاعل يحسب، فيكون المفعول الأول محذوفا أى لا يحسبنهم الذين كفروا، والهاء عائدة للذين، لأنه فى نية التقديم، والمعنى لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم، ويجوز تقديره ظاهرا هكذا: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم، وإنما حذف سواء كان ضميرا أو ظاهرا لأنه نفس الذين فى المعنى، فاكتفى عنه بالذين، والمفعول الثانى جملة سبقوا، وجملة إنهم لا يعجزون بالكسر على زيادة لا وفيه ضعف، فيكون سبقوا حالا، ويجوز أن يكون سبقوا سادا مسد مفعولين على تقدير إن المصدرية، أى إن سبقوا وهو ضعيف، لأن إن المصدرية كالموصول الاسمى فلا يحذف، نعم أجاز بعض حذف الموصول الاسمى للدليل، وبعض إن ذكر مثله.
وأما قول شيخ الإسلام أن إن المقدرة مخففة لا المصدرية فباطل، لأن المخففة المفتوحة أيضا مصدرية، وكذا المفتوحة المشددة وأيضا تقديرها مخففة بلا فصل بقد ضعيف، وبالفصل بها زيادة فى التقدير، ويجوز على ضعف أن يكون أنهم لا يعجزون بالفتح سادا مسد المفعولين على زيادة لا، وفيه ضعف، فيكون سبقوا حالا، والأظهر أن قوله: { إنهم لا يعجزون } تعليل كما مر للنهى، كأنه قيل: لا يعجزون الله أو طالبهم، وذلك أنهم يدركون فى الحرب بعد ذلك بالقتل، أو بالأسر، أو بهما، ولهم النار بعد ذلك فلا يغيظنك فواتهم، وقيل: المراد أنهم يدركون فى الآخرة.
وفى رواية عن عاصم: لا تحسبن بالفوقية المفتوحة وفتح السين، وكذا قرأ الأعرج، وقرأ مجاهد بكسر الفوقية والسين، وهو رواية عن ابن كثير، والمشهور عنه فتح الفوقية، وقرأ الأعمش وابن مسعود فى رواية عنه، ولا يحسب بفتح التحتية والسين والباء الموحدة على حذف النون المؤكدة الخفيفة، لأنها تحذف قبل الساكن، وعلى كل حال فمحل تحسب الجزم بلا، وهو مبنى، وزعم بعض أن المضارع الموكل بالنون الداخل عليه جازم معرب مقدر الجزم، وقرأ ابن مسعود: أنهم سبقوا بفتح الهمزة وهى قراءة تقوى جعل سبقوا فى قراءة غيره بالتحتية سادًا مسد مفعولين، وقرأ بعضهم يعجزون بفتح العين وشد الجيم، وقرأ ابن محيصن بإسكان العين وكسر النون على أنها للوقاية، والياء محذوفة، أو نون الرفع كسرت للياء المحذوفة هى نون الوقاية.