خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
١٠٤
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ألَم يعْلَموا } وقرىء تعلموا بالفوقية، وعلى كل حال فالمراد هؤلاء المعترفون، والتاء على طريق الالتفات، والمعنى ألم يعلموا قبل نزول توبتهم، وقبول صدقهم، وفى ذلك تمكين قبول التوبة والصدقة فى قلوبهم، وقيل: المراد الذين لم يتوبوا قالوا: هؤلاء كانوا بالأمس معنا، لا يكلَّمون ولا يُجالسون فما لهم، فنزلت ترغيبا لهم فى التوبة، وقبول الصدقة، وعلى هذا فليس فى التاء التفات.
{ أنَّ اللهَ هُو } هذا الضمير إنما يفيد التأكيد من حيث المعنى، سواء جعل مبتدأ أو تأكيداً لاسم إن مستعارا للنصب، ولا مانع من تأكيد الظاهر بالضمير، بأن الظاهر إذا كان كافيا فى تأدية المراد، فالضمير المزيد عليه مؤكد قطعا، لأنه زيادة فى ذلك المراد، وليس كما زعم بعض أن الظاهر أقوى فلا يؤكده الضمير، وأجاز بعض أن يكون هو بدلا، ولا يفيد الحصر، لأن الخبر بعده ليس اسما معرفا كما فى قولك: إن الله هو القابل، بل تعريف المسند والمسند إليه مفيد للحصر، ولو لم يكن لفظ هو أو هى أو نحوه فى الكلام، والمسند إليه هنا معرف دون المسند، ومعنى قول جار الله: إن هو للتخصيص، أنه تخصيص لله فى الذكر بعد ذكره أيضا كما قالوا فى الحمد لله: إن اللام للتخصيص، فمن ادعى ثبوت الحمد لغير الله فليأت ببيان، ولا بيان له، ولو مفيدا للحصر من هذه الجهة، وليس مفيدا له بطريق الصناعة فافهم، هذا ما ظهر لى فى تحقيق المقام.
{ يقْبلُ التَّوبةَ } إذا صحت { عَنْ عِبادِه } مثل قولك: يقبلها من عباده، أو عدى القبول بعن لتضمنها معنى التجاوز والمساهلة { ويأخُذ الصَّدَقاتِ } أى يقبلها لكن قبول من يضاعف الجزاء عليها، وفى ذلك ترغيب فى الصدقات، إذ كان الذى يأخذها فى الحقيقة هو الله، ولو كان أخذها فى الظاهر هو الفقير مثلا، عن ابن مسعود رضى الله عنه:
"أن الصدقة تقع فى يد الله قبل أن تقع فى يد السائل" وعن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تصدق أحدكم بصدقة من كسب حلال طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، أو لقمة ويربيها لصاحبها كما يربى أحدكم فلوه، بضم الفاء وفتحها، وهو المهر أول ما يولد، أو فصيله حتى تصير كأحد" وهو أعظم جبل لكن غاص فى الأرض.
{ وأن اللهَ هُو التَّوابُ الرَّحيمُ } القابل للتوبة بالتفضل.