خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ
١١٣
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ما كانَ للنَّبىِّ والَّذينَ آمنُوا مَعه أنْ يسْتغفرُوا للمشْرِكينَ ولوْ كانُوا أولى قُرْبَى } وأعمال حسنة، كحسن الجوار، وصلة الرحم، وفك الأسير، لأنهم ليسوا بأهل للاستغفار، وهم أعداء لله، ولأن الاستغفار لا ينفع فى المشرك بأن يخرجه من النار إلى الجنة، وروى أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وجد أبا طالب فى دركة النار السفلى وغمراتها، فشفع فيه لأنه كان يحوطه وينصره ويغضب له، فأخرجه إلى ضحضاح من النار تبلغ كعبيه تغلى بها أم دماغه.
{ مِنْ بَعْد ما تَبيَّن } ما مصدرية والمصدر مضاف إليه { لَهم } بالموت على الشرك { أنَّهم أصْحابُ الجَحيمِ } فاعل بالتأويل، أى من بعد ما تبين لهم كونهم أصحاب الجحيم وصحبتها، أى استحقاقهم لها، وملابستهم لها بعد، وهذه الآية أفادت أنه لا يحل الاستغفار لمن مات على الشرك، وأفادت الآى الآخر أنه لا يتولى المشرك ولو كان حيا، فلا يستغفر له، وأفاد مثل قوله عز وجل:
{ { لا تتخذوا الكافرين } وهم ما يعم المنافق والمشرك { { أولياء من دُون المؤمنين } أنه لا يستغفر للمنافق، فإن من يستغفر له فقد تولاه، وكذا الأحاديث الدالة على أن من فعل كذا لكبيرة غير شرك ملعون، أو ليس منا كالإحداث فى الإسلام والغش.
وأيضا علة براءة المشرك مخالفة لأمر الله، والمنافق مخالف أو المراد تبيين أنهم أصحاب الجحيم، يبين ذلك لهم بالعلم بأنهم مشركون ماتوا أو عاشوا فإنه إذا علمت بشرك إنسان فقد تبين لك بظاهر الأمر أنه أهل للنار، وبعد ذلك أهل للنار، وبذلك الذى ذكرت كله يندفع استدلال القاضى بالآية على جواز الاستغفار للمشرك الحى، من حيث إن الاستغفار له طلب لتوفيقه للإيمان، ولئن سلمنا أن الآية دليل، وقد ذكر شيخ الإسلام أنه منسوخ، وأيضا العبرة بعموم اللفظ على الصحيح، لا بخصوص السبب، فالآية ولو سلمنا أنه نزلت فى الاستغفار للمشرك الميت خصوصا، لكن لفظها عام فيعمل به.