خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١٥
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ويُذْهِبْ غَيظَ قُلوبهِم } لما لقوا من الكفار، وقد أوفى الله ما وعدهم، فذلك دليل على صدق رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقرىء: ويذهب غيظ بفتح الياء المثناة والهاء وضم الظاء { ويتُوبُ الله على مَنْ يَشاءُ } من أهل مكة وغيرهم بأن يوفقهم إلى الإسلام، فالقتال كما كان سببا لتعذيب قوم، كان سببا لتوبة آخرين عمن أمر بقتالهم بعض حسن إسلامه، وبعض لم يحسن كأبى سفيان ابن حرب، أسلم هو وعكرمة بن أبى جهل، وسهل بن عمرو حين الفتح على ما تراه إن شاء الله فى محله.
وقرأ الأعرج، وابن أبى إسحاق، وعيسى الثقفى، وعمرو بن عبيد، وأبو عمرو فى رواية غير مشهورة، بنصب يتوب بأن مضمرة عطفا على المعنى فى جواب الشرط المقدر، أى إن قاتلتموهم يعذبهم الله بأيديكم، كأنه قيل: إن قاتلتموهم يكن تعذيب الله إياهم بأيديكم، وخزيه إياهم، ونصره إياكم عليهم، وشفاءه صدور قوم مؤمنين، وإذهابه غيظ قلوبهم، وتوبة الله على من يشاء.
وقال أبو الفتح: لا وجه لقراءة النصب، لأن ذلك أمر موجود قاتلوا أو لم يقاتلوا، فلا وجه لإدخال التوبة فى جواب الشرط، والوجه الرفع على الاستئناف، قلت: بل له وجه وهو أن توبة الله عليهم بالتوفيق إلى الإسلام ليست جبرا، بل اكتسبوا فى قلوبهم باختيارهم ما يترتب عليه التوفيق، وذلك الكسب متسبب عن القتال، أيضا توبة الله على من يشاء تكميل لإيمانهم، كأنه قيل: قاتلوهم يكمل إيمانكم، ويجوز كون النصب عطفا على المعنى بتقدير الفاء لا بتقدير أداة الشرط، كأنه قيل: قاتلوهم فيعذبهم بالنصب بعد الفاء فى جواب الأمر، وفيه بحث ابن جنى، وجوابى المذكوران.
{ واللهُ عَليمٌ } بما كان وما يكون، ومن سبقت له السعادة، ومن سبقت له الشقاوة { حَكيمٌ } فى فعله وحكمه.