خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ
٦٥
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ ولَئنْ سَألتَهم ليَقُولُنَّ إنَّما كنَّا نخُوضُ } أصل الخوض الدخول فى المائع والطين، وكثر استعماله حتى استعمل فى دخول كل شىء، وتلبس به وأكثروا استعماله فيما لا يعنى، وفى ما هو ضار كما هنا { ونَلْعبُ }.
قال قتادة:
"بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير فى غزوة تبوك وركب من المنافقين منهم وديعة بن ثابت يسيرون بين يديه، فقالوا: انظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونه، هيهات هيهات، وقيل: مروا علىَّ فقال ذلك، وعليه القاضى، فأطلع الله نبيه على ذلك فقال: احبسوا علىَّ الركب فأتاهم فقال: قلتم كذا وكذا وقيل دعاهم فقال لهم، وعليه القاضى، فقالوا: يا نبى الله لا والله ما كنا فى شىء من أمرك ولا من أمر أصحابك، ولكن كنا فى شىء مما يخوض فيه الركب، ليقصر بعضنا على بعض السفر" .
وعن الكلبى ومقاتل: أنهم ثلاثة اثنان يقولان: يزعم محمد أنه نزل فى أصحابه قرآن أيما هو كلامه ويستهزآن به وبالقرآن، والثالث يضحك، وعن الكلبى: أنهم أربعة يضحكون، وذلك فى الذهاب إلى تبوك، وقيل فى الرجوع.
"روى أنه صلى الله عليه وسلم بعث عمار بن ياسر إليهم فقال: أدركهم قبل أن يحترقوا واسألهم مم يضحكون ويستهزئون فسيقولون مما يخوض فيه الركب؟ فسأل فقالوا ذلك، فقال: صدق الله وجاء واحد منهم يحلف أنه ما قال، وكان يضحك فقط، وكان صادقا ولم يقبل اعتذار الآخرين وذلك الضاحك، هو مخشن وكان مسلما زل بضحكه فقط، وربما نهاهم عن بعض ما قالوا، وقيل: لم ينههم، وقيل: منافقا ثم أسلم، وقيل: قالوا كأنكم غدا فى الحبال أسرى لبنى الأصفر، فقال لعمار: أدركهم قد احترقوا وأخبرهم بما قالوا" فنزلت.
وقيل: قال وديعة بن ثابت فى جماعة من المنافقين: ما رأيت كقرائنا هؤلاء أرغب بطونا وأكثر كذبا، ولا أجبن عند اللقاء، ونزلت فعنفهم فقالوا: كنا نخوض ونلعب، وقيل: قال ذلك لعوف بن مالك، فقال له: كذبت ولكنك منافق، وأراد أن يخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب فوجد القرآن قد سبقه، قال ابن عمر:
"رأيت وديعة متعلقا بحقب ناقة رسول الله يماشيها، والحجارة تنكبه يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، ويقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون" كما أمره الله أن يقول لهم إذ قال:
{ قُلْ أباللهِ وآياتهِ ورسُولِه كُنتم تَسْتهزئونَ } وقول النقاش: إن المتعلق بحقيها عبد الله بن أبى سهوة، لأنه لم يشهد تبوك، وما خرج إليه، وقيل:
"إن رهطا من المنافقين منهم وديعة، ومخشن بن حمير بتشديد الباء، وقيل: اسمه مخاشن، وقيل: مخشى، وقيل: مخشى بن حمير بتخفيف ياء حمير لتصغير الثلاثى، قالوا مشيرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب، والله لكأنا بكم مقرنين فى الحبال إرجافا وترهيبا، فقال مخشن: والله لوددت أنى أقاضى على أن يضرب كلا منا مائة جلدة، ولا ينزل فيها قرآن، فقال صلى الله عليه وسلم لعمار: أدركهم فإنهم قد احترقوا فإن أنكروا فقل بل أنتم كذا وكذا فجاءوا معتذرين، وتعلق وديعة بحقبها" ، ونزلت الآية.
وقال مخشن: يا رسول الله قعد بى اسمى واسم أبى، فعوفى عنه فتسمى عبد الرحمن، وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم بمكانه، فقتل يوم اليمامة، وهو الذى سار معهم يضحك ولا يقول معهم، وينكر بعض ما يسمع، وحلف على ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يوجد جسده.
وعن ابن كيسان: نزل:
"{ قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون } فى اثنى عشر رجلا، وقفوا متنكرين أعلى العقبة، ليفتكوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فى ليلة مظلمة حين رجع من تبوك، وكان استهزاؤهم إهانتهم به صلى الله عليه وسلم، حتى أرادوا قتله، فاخبره جبريل عليه السلام، وأمره أن يرسل من يضرب وجوه رواحلهم، فأمر حذيفة، وكان يسوق ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمار يقودها، فضربها حتى نحاها عن الطريق، فقال: هل عرفت منهم أحدا؟ فقال: لا يا رسول الله فقال: هم فلان وفلان حتى عدهم، فقال، هلا بعثت من يقتلهم؟ فقال: أكره أن تقول العرب قتل أصحابه بل يقتلهم الله بالدبيلة من النار فى أكتافهم، تخرج من صدورهم، وهم منافقون لا يدخلون الجنة ولا يريحونها حتى يلج الجمل فى سم الخياط" وفى رواية "ثمانية منهم تكفيهم الدبيلة" ، والاستفهام توبيخ على استهزائهم بمن لا يصح الاستهزاء به، وإلزام الحجة عليهم أنه لا يعبأ باعتذارهم لأنه كذب.