خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٧٩
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ الَّذينَ } خبر لمحذوف، أى هم الذين، أو المذمومون الذين، أو مفعول لمحذوف، أى أعنى الذين أذم، أو الذين أو بدل من الهاء فى سرهم، أو مبتدأ خبره سخر الله منهم { يَلْمزُونَ } ينالون بألسنتهم، وقرأ الحسن، وأبو رجاء، ويعقوب: بضم الميم وهو رواية عن ابن كثير { المطَّوِّعينَ } المتصدقين صدقة النفل، وأصله المتطوعين أبدلت التاء طاء وأدغمت فى الطاء.
{ مِنَ المؤمِنينَ فى الصَّدَقاتِ } كعبد الرحمن بن عوف، وعاصم ابن عدى، وعمر بن الخطاب،
"حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعمائة أوقية، وقيل: بأربعين أوقية، وقيل: بأربعة آلاف درهم، وقال: كان لى ثمانية آلاف فأقرضت ربى أربعة، وأمسكت لعيالى أربعة، فقال صلى الله عليه وسلم بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت" ، فبارك الله له حتى صولحت إحدى امرأتيه عن نصف الثمن على ثمانين ألف درهم، وقيل: بلغ ثُمْن ماله مائة وسبعين ألف درهم، وقيل: ترك أربع نسوة صولحت تماضر منهن عن ربع الثمن على ثمانين ألفا، وتصدق عاصم بمائة وسق تمراً، وتصدق عمر بنصف ماله، فقال المنافقون: ما تصدق هؤلاء إلا رياء وسمعة.
{ والَّذينَ } عطف خاص على عام فإن المتصدق بقليل داخل فى جملة المتطوعين، وذكر بعض أن المراد فى قوله: { المطوِّعين } خصوص المتصدقين بكثير، فالعطف عطف تغاير { لا يجِدُون إلاَّ جُهْدهُم } طاقتهم مصدر جهد فى الأمر إذا بالغ فيه، وذلك لغة الحجاز، وقرأ الأعرج وجماعة بفتح الجيم والمعنى واحد.
وقيل: الضم فى المال، والفتح فى تعب الجسم، وذلك كأبى عقيل الأنصارى، وعن بعضهم: اسمه حجاب الأرشى، جاء بصاع تمر قال: بت ليلى أجر بالجرير على صاعين، فتركت صاعا لعيالى وجئت بصاع، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينثره فى الصدقات، وكأبى خيثمة، وقال المنافقون إن الله لغنى عما تصدقا به، وهما محتاجان فكيف يتصدقان، ولكن أحبا أن يذكر بأنفسهما ليعطيا من الصدقات فنزلت الآية فى ذلك.
وفى حديثٍ:
"من قال لمؤمن يا مرائى أحبط عنه عمل أربعين يوما وإن لم يكن له عمل فعليه وزر أربعين يوما" وقد يكون القليل أعظم ثوابا مثل أن يكون من مقلّ اشتدت حاجته إليه.
{ فيسْخَرُون } يستهزئون { منْهُم } عطف على يلمزون { سَخِرَ اللهُ منْهُم } جازاهم على سخريتهم إخبار، وأجاز بعضهم كونه على طريق الدعاء { ولَهم عَذابٌ ألِيمٌ } على ذلك، وروى ابن عمران عبد الله بن عبد الله بن أبىّ وكان مؤمنا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مرض أبيه أن يستغفر لأبيه، فاستغفر فنزل: { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ... }.