خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
٨٢
-التوبة

هميان الزاد إلى دار المعاد

{ فلْيضْحكُوا قليلاً } ضحكا قليلا أو زمانا قليلا وهو أعمارهم، فإنها ولو طالت قليلا بالنسبة إلى الدوام فى الآخرة { ولْيبْكُوا كَثيراً } بكاء كثيراً أو زمانا كثيرا لا يتناهى، وهو زمان خلودهم فى النار، قاله ابن عباس، والربيع بن خيثم، وابن زيد، وقتادة واللفظ أمر، والمعنى إخبار أى يضحكون قليلا ويبكون كثيرا، وجاء بلفظ الأمر، لأن الأمر للوجوب، فأشار به إلى تحتم ذلك عليهم، وأنه لا بد واقع، ويجوز أن يكون ذلك فى الدنيا إليهم لما هم عليه من الخطر مع الله، وسوء الحال، بحيث ينبغى أن يقل ضحكهم ويكثر بكاؤهم على حد قوله صلى الله عليه وسلم لأمته: "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا وضحكتم قليلا" .
"وروى أنه قال الله سبحانه له حين قال ذلك: يا محمد لا تقنط عبادى" ، ويجوز أن يكون ذلك كناية عن السرور والغم، ويجوز أن يكون ذلك كله فى الآخرة، على أن القلة نفى والواضح الأول المذكور عن ابن عباس، ففى الحديث، عن أنس: "يا أيها الناس ابكوا فإن لم تستطيعوا ان تبكوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون فى النار حتى تسيل دموعهم فى خدودهم كأنها جداول، حتى تنقطع فتسيل الدماء فتقرح العيون، فلو أن سفنا أجريت فيها لجرت" وعن أبى موسى: "لو أن السفن أرسلت فى دموعهم لجرت ثم يبكون بعد ذلك الدم" .
{ جزاءً بما كانُوا يكْسِبُون } من ضحكهم وأفعالهم الخبيثة، وهو تعليل ليبكوا إن لم يشترطوا اتحاد فاعلى المعلِّل والمعلَّل، أو لتضمنه معنى نفعل بهم ما يبكيهم، فهو تعليل لمعنى نفعل، أو يقدر نعذبهم جزاء.