خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ
٥٩
-الحجر

روح المعاني

{ إِلا ءالَ لُوطٍ } قال الزمخشري: يجوز أن يكون استثناءً من قوم بملاحظة الصفة فيكون الاستثناء منقطعاً لأنهم ليسوا قوماً مجرمين، واحتمال التغليب مع هذه الملاحظة ليتصل الاستثناء ليس مما يقتضيه المقام، ولو سلم فغير ضار فيما ذكر لأنه مبني على الحقيقة ولا ينافي صحة الاتصال على تقدير آخر، ويجوز أن يكون استثناءً من الضمير المستتر في { { مُّجْرِمِينَ } [الحجر: 58] فيكون الاستثناء متصلاً لرجوع الضمير إلى القوم فقط فيكون الآل على الأول مخرجين من حكم الإرسال المراد به إرسال خاص وهو ما كان للإهلاك لا مطلق البعث لاقتضاء المعنى له، وقوله تعالى: { إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ } خبر الأبناء على ما سمعت سابقاً، وعن الرضى أن المستثنى المنقطع منتصب عند سيبويه بما قبل إلا من الكلام كما انتصب المتصل به وإن كانت إلا بمعنى لكن وأما المتأخرون من البصريين فلما رأوها بمعنى لكن قالوا إنها الناصبة بنفسها نصب لكن للأسماء وخبرها في الأغلب محذوف نحو جاءني القوم إلا حماراً أي لكن حماراً لم يجىء قالوا وقد يجىء خبرها ظاهراً نحو قوله تعالى: { { إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ } [يونس: 98] وقال الكوفيون إلا في ذلك بمعنى سوى والنصب بعدها في الانفصال كالنصب في الاتصال، وتأويل البصريين أولى لأن المستثنى المنقطع يلزم مخالفته لما قبله نفياً وإثباتاً كما في لكن وفي سوى لا يلزم ذلك لأنك تقول: لي عليك ديناران/ سوى الدينار الفلاني وذلك إذا كان صفة، وأيضاً معنى لكن الاستدراك، والمراد به فيها دفع توهم المخاطب دخول ما بعدها في حكم ما قبلها مع أنه ليس بداخل وهذا هو معنى الاستثناء المنقطع بعينه انتهى.

وزعم بعضهم أن في كون إلا الاستثنائية تعمل عمل لكن خفاء من جهة العربية وقال: إنه في المعنى خبر وليس خبراً حقيقياً كما صرح به النحاة، ومما نقلناه يعلم ما فيه من النظر. نعم صرح الزمخشري بأن الجملة على تقدير الانقطاع جارية مجرى خبر لكن وهو ظاهر في أنها ليست خبراً في الحقيقة وذكر أنه إنما قال ذلك لأن الخبر محذوف أي لكن آل لوط ما أرسلنا إليهم والمذكور دليله لتلازمهما ولذا لم يجعله نفس الخبر بل جار مجراه، وفيه غفلة عن كونه مبنياً على ما نقل عن سيبويه، وزعم بعض أنه قال ذلك لأن الجملة المصدرة بأن يمتنع أن تكون خبراً للكن فليراجع، وقيل: قال ذلك لأن المذكور إلا لا لكن وهو كما ترى، وعلى تقدير الاتصال يكون الآل مخرجين من حكم المستثنى منه وهو الإجرام داخلين في حكم الإرسال بمعنى البعث مطلقاً فيكون الملائكة قد أرسلوا إليهم جميعاً ليهلكوا هؤلاء وينجوا هؤلاء، وجملة { إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ } على هذا مستأنفة استئنافاً بياناً كأن إبراهيم عليه السلام قال لهم حين قالوا: { إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * إِلا ءالَ لُوطٍ } فما حال آل لوط؛ فقالوا: { إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ } [الحجر: 58-59] الخ.