خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ ٱلْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلـٰكِن كَانُواْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٣٣
-النحل

روح المعاني

{ هَلْ يَنظُرُونَ } أي ما ينتظر كفار مكة المار ذكرهم { إِلا أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } لقبض أرواحهم كما روي عن قتادة ومجاهد وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب وطلحة والأعمش { يَأْتِيهِمُ } بالياء آخر الحروف { أَوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبّكَ } أي القيامة كما روي عمن تقدم أيضاً، وقال بعضهم: المراد به العذاب الدنيوي دونها لا لأن انتظارها يجامع انتظار إتيان الملائكة فلا يلائمه العطف بأو لا لأنها ليست نصاً في العناد إذ يجوز أن يعتبر منع الخلو ويراد بإيرادها كفاية كل واحد من الأمرين في عذابهم بل لأن قوله تعالى فيما سيأتي إن شاء الله تعالى: { وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } { { فَأَصَابَهُمْ } [النحل: 34] الآية صريح في أن المراد به ما أصابهم من العذاب الدنيوي وفيه منع ظاهر، ويؤيد إرادة الأول التعبير ـ بيأتي ـ دون يأتيهم، وقيل: المراد بإتيان الملائكة إتيانهم للشهادة بصدق النبـي صلى الله عليه وسلم أي ما ينتظرون في تصديقك إلا أن تنزل الملائكة تشهد بنبوتك فهو كقوله تعالى: { لَوْلا أُنزِلَ علَيْهِ ملك } [الأنعام: 8] والجمهور على الأول، وجعلوا منتظرين لذلك مجازاً لأنه يلحقهم لحوق الأمر المنتظر كما قيل.

واختير أن ذلك لمباشرتهم أسباب العذاب الموجبة له المؤدية إليه فكأنهم يقصدون إيتاءه ويتصدون لوروده، ولا يخفى ما في التعبير بالرب وإضافته إلى ضميره صلى الله عليه وسلم من اللطف به عليه الصلاة والسلام، وسيأتي قريباً إن شاء الله تعالى وجه ربط الآيات.

{ كَذٰلِكَ } أي مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب { فَعَلَ ٱلَّذِينَ } خلوا { مِن قَبْلِهِمْ } من الأمم { وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ } إذ أصابهم جزاء فعلهم { وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بالاستمرار على فعل القبائح المؤدي لذلك، قيل: وكان الظاهر أن يقال: { { وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ } كما في سورة الزخرف [76] لكنه أوثر ما عليه النظم الكريم لإفادة أن غائلة ظلمهم آيلة إليهم وعاقبته مقصورة عليهم مع استلزام اقتصار ظلم كل أحد على نفسه من حيث الوقوع اقتصاره عليه من حيث الصدور.