خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ مَثَلُ ٱلسَّوْءِ وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦٠
-النحل

روح المعاني

{ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } ممن ذكرت قبائحهم { مَثَلُ ٱلسَّوْء } صفة السوء التي هي كالمثل في القبح وهي الحاجة إلى الولد ليقوم مقامهم بعد موتهم ويبقى به ذكرهم، وإيثار الذكور للاستظهار، ووأد البنات لدفع العار أو خشية الإملاق على حسب اختلاف أغراض الوائدين المنادي كل واحد من ذلك بالعجز والقصور والشح البالغ. وعن ابن عباس { مَثَلُ ٱلسَّوْء } النار، وأظنه لا يصح عنه رضي الله تعالى عنه، ومنع ابن عطية حمل المثل على الصفة وقال: إنه لا يضطر إليه لأنه خروج عن اللفظ بل هو على بابه، وذلك أنهم إذا قالوا: إن البنات لله سبحانه فقد جعلوا لله عز وجل مثلاً فإن البنات من البشر وكثرة البنات أمر مكروه عندهم ذميم فهو المثل السوء الذي أخبر الله تعالى بأنه لهم، وليس في البنات فقط بل لما جعلوا له تعالى البنات جعله هو سبحانه لهم على الإطلاق في كل سوء ولا غاية أبعد من عذاب النار اهـ، وهو أشبه شيء عندي بالرطانة كما لا يخفى؛ ووضع الموصول موضع الضمير للإشعار بأن مدار اتصافهم بتلك القبائح هو الكفر بالآخرة.

{ وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } أي الصفة العجيبة الشأن التي هي مثل في العلو مطلقاً وهو الوجوب الذاتي والغنى المطلق والجود الواسع والنزاهة عن صفات المخلوقين ويدخل فيه علوه تعالى عما يقول علواً كبيراً. وأخرج ابن جرير وغيره عن قتادة أن المثل الأعلى شهادة أن لا إله إلا الله وهو رواية عن ابن عباس. والذي أخرجه عنه البيهقي في "الأسماء والصفات" وغيره هو { { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء } [الشورى: 11] { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } المنفرد بكمال القدرة على كل شيء ومن ذلك مؤاخذتهم بقبائحهم، وقيل: هو الذي لا يوجد له نظير { ٱلْحَكِيمُ } الذي يفعل كل ما يفعل بمقتضى الحكمة البالغة.