خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً
٢
-الإسراء

روح المعاني

{ وَءاتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ } أي التوراة { وَجَعَلْنَـٰهُ } أي الكتاب وهو الظاهر أو موسى عليه السلام { هُدًى } عظيماً { لّبَنِى إِسْرٰءيلَ } متعلق بهدى أو بجعل واللام تعليلية والواو استئنافية أو عاطفة على جملة { { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ } [الإسراء: 1] لا على { أَسْرَىٰ } كما نقله في «البحر» عن العكبري وحَكَى نظيره عن ابن عطية لبعده وتكلفه، وعقب آية الإسراء بهذه استطراداً تمهيداً لذكر القرآن، والجامع أن موسى عليه السلام أعطى التوراة بمسيره إلى الطور وهو بمنزلة معراجه لأنه منح ثمت التكليم وشرف باسم الكليم وطلب الرؤية مدمجاً فيه تفاوت ما بين الكتابين ومن أنزلا عليه وإن شئت فوازن بين { أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } و { ءَاتَيْنَآ مُوسَى } وبين { هُدًى لّبَنِى إِسْرٰءيلَ } و { { َيَهْدِى لِلَّتِى هِىَ أَقْوَمُ } [الإسراء: 9].

{ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ } أي أي لا تتخذوا على «أن» تفسيرية ولا ناهية، والتفسير كما قال أبو البقاء لما تضمنه الكتاب من الأمر والنهي، وقيل لمحذوف أي آتينا موسى كتابة شيء هو لا تتخذوا، والكتاب وإن كان المراد به التوراة فهو مصدر في الأصل، ولا يخفى أنه خلاف الظاهر. وجوز في «البحر» أن تكون (أن) مصدرية والجار قبلها محذوف و(لا) نافية أي لئلا تتخذوا، وقيل يجوز أن تكون (أن) وما بعدها في موضع البدل من { ٱلْكِتَـٰبَ } وجوز أبو البقاء أن تكون زائدة و { لاَ تَتَّخِذُواْ } معمول لقول محذوف و(لا) فيه للنهي أي قلنا لا تتخذوا. وتعقبه أبو حيان بأن هذا الموضع ليس من مواضع زيادة (أن). وكذا جوز أن تكون { لا } زائدة كما في قوله تعالى: { مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ } [الأعراف: 12] والتقدير كراهة أن تتخذوا ولا يخفى ما فيه. وقرأ ابن عباس ومجاهد وعيسى وأبو رجاء وأبو عمرو من السبعة (ألا تتخذوا) بياء الغيبة، وجعل غير واحد (أن) على ذلك مصدرية ولم يذكروا فيها احتمال كونها مفسرة، وقال شيخ زاده: لا وجه لأن تكون (أن) مفسرة على القراءة بياء الغيبة لأن ما في حيز المفسرة مقول من حيث المعنى والذي يلقى إليه القول لا بد أن يكون مخاطباً كما لا وجه لكونها مصدرية على قراءة الخطاب لأن بني إسرائيل غيب فتأمل. والجار / عندهم على كونها مصدرية محذوف أي لأن لا يتخذوا.

{ مِن دُونِى وَكِيلاً } أي رباً تكلون إليه أموركم غيري فالوكيل فعيل بمعنى مفعول وهو الموكول إليه أي المفوض إليه الأمور وهو الرب. قال ابن الجوزي «قيل للرب وكيل لكفايته وقيامه بشؤون عباده لا على معنى ارتفاع منزلة الموكل وانحطاط أمر الوكيل» و { مِنْ } سيف خطيب ودون بمعنى غير وقد صرح بمجيئها كذلك في غير موضع وهي مفعول ثان لتتخذوا و { وَكِيلاً } الأول. وجوز أن تكون (من) تبعيضية واستظهر الأول، والمراد النهي عن الإشراك به تعالى.