خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً
٣٣
-الكهف

روح المعاني

{ كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ ءَاتَتْ أُكُلُهَا } ثمرها وبلغ مبلغاً صالحاً للأكل. و { كِلْتَا } اسم مفرد اللفظ مثنى المعنى عند البصريين وهو المذهب المشهور ومثنى لفظاً ومعنى عند البغداديين وتاؤه منقلبة عن واو عند سيبويه فأصله كلوى فالألف فيه للتأنيث. ويشكل على هذا إعرابه بالحروف بشرطه، ويجاب بما أجيب به عن الإشكال في الأسماء الخمسة. وعند الجرمي الألف لام منقلبة عن أصلها والتاء زائدة للتأنيث. ويرد عليه أنه لا يعرف فعتل وأن التاء لا تقع حشواً ولا بعد ساكن صحيح؛ وعلى المشهور يجوز في ضميره مراعاة لفظه ومراعاة معناه وقد روعي الأول هنا والثاني فيما بعد. وفي مصحف عبد الله (كلا ٱلْجنتين آتى) بصيغة التذكير لأن تأنيث الجنتين مجازي ثم قرأ { آتت } فأنث لأنه ضمير مؤنث، ولا فرق بين حقيقيه ومجازيه فالتركيب نظير قولك: طلع الشمس وأشرقت وقال: إن عبد الله قرأ (كل ٱلْجَنَّتَيْنِ أَتَىٰ أَكَلَهُ) فذكر وأعاد الضمير على كل. { وَلَمْ تَظْلِمْ مّنْهُ } أي لم تنقص من أكلها { شَيْئاً } من النقص على خلاف ما يعهد في سائر البساتين فإن الثمار غالباً تكثر في عام وتقل في عام وكذا بعض الأشجار تأتي بالثمار في بعض الأعوام دون بعض. وجوز أن يكون { تَظْلِمْ } متعدياً و { شَيْئاً } مفعوله والمآل واحد.

{ وَفَجَّرْنَا خِلَـٰلَهُمَا } أي فيما بين كلتا الجنتين { نَهَراً } ليدوم شربهما ويزيد بهاؤهما. قال يحيـى بن أبـي عمرو الشيباني: وهذا النهر هو المسمى بنهر أبـي فرطس وهو على ما قال ابن أبـي حاتم نهر مشهور في الرملة، وقيل المعنى فجرنا فيما بين كل من الجنتين نهراً على حدة فيكون هناك نهران على هذا ولا يخفى أنه خلاف الظاهر. وتشديد فجر قيل للمبالغة في سعة التفجير، وقال الفراء: لأن النهر ممتد فكأنه أنهار. وقرأ الأعمش وسلام ويعقوب وعيسى بن عمر { فجرنا } بالتخفيف على الأصل، وأقر أبو السمال والعياض ابن غزوان وطلحة بن سليمان { نهراً } بسكون الهاء وهو لغة جارية فيه وفي نظائره ولعل تأخير ذكر التفجير عن ذكر الإيتاء مع أن الترتيب الخارجي على العكس للإيذان باستقلال كل من إيتاء الأكل وتفجير النهر في تكميل محاسن الجنتين كما في قصة البقرة ونحوها ولو عكس لانفهم أن المجموع خصلة واحدة بعضها مترتب على بعض فإن إيتاء الأكل متفرع على السقي عادة، وفيه إيماء إلى أن إيتاء الأكل لا يتوقف على السقي كقوله تعالى: { { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىء } [النور: 35] قاله شيخ الإسلام.