خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً
٨٨
-الكهف

روح المعاني

{ وَأَمَّا مَنْ ءامَنَ } بموجب دعوتي { وَعَمِلَ } عملاً { صَـٰلِحاً } حسبما يقتضيه الإيمان { فَلَهُ } في الدارين { جَزَاء ٱلْحُسْنَىٰ } أي فله المثوبة الحسنى أو الفعلة الحسنى أو / الجنة جزاء على أن جزاء مصدر مؤكد لمضمون الجملة قدم على المبتدأ اعتناء به أو منصوب بمضمر أي يجزى بها جزاء، والجملة حالية أو معترضة بين المبتدأ والخبر المتقدم عليه أو هو حال أي مجزياً بها. وتعقب ذلك أبو الحسن بأنه لا تكاد العرب تتكلم بالحال مقدماً إلا في الشعر، وقال الفراء: هو نصب على التمييز.

وقرأ ابن عباس ومسروق { جزاء } منصوباً غير منون، وخرج ذلك المهدوي على حذف التنوين لالتقاء الساكنين، وخرجه غيره على أنه حذف للإضافة والمبتدأ محذوف لدلالة المعنى عليه أي فله الجزاء جزاء الحسنى. وقرأ عبد الله بن أبـي إسحاق بالرفع والتنوين على أنه للمبتدأ و { ٱلْحُسْنَىٰ } بدله والخبر الجار والمجرور. وقرأ غير واحد من السبعة بالرفع بلا تنوين، وخرج على أنه مبتدأ مضاف قال أبو علي: والمراد على الإضافة جزاء الخلال الحسنة التي أتاها وعملها أو المراد بالحسنى الجنة والإضافة كما في دار الآخرة.

{ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا } أي مما نأمر به { يُسْراً } أي سهلاً ميسراً غير شاق، وتقديره ذا يسر وأطلق عليه المصدر مبالغة، وقرأ أبو جعفر { يسراً } بضمتين حيث وقع هذا، وقال الطبري: المراد من اتخاذ الحسن الأسر فيكون قد خير بين القتل والأسر، والمعنى إما أن تعذب بالقتل وإما أن تحسن إليهم بإبقاء الروح والأسر، وما حكي من الجواب على هذا الوجه قيل من الأسلوب الحكيم لأن الظاهر أنه تعالى خيره في قتلهم وأسرهم وهم كفار فقال أما الكافر فيراعى فيه قوة الإسلام وأما المؤمن فلا يتعرض له إلا بما يجب. وفي «الكشف» أنه روعي فيه على الوجهين نكتة بتقديم ما من الله تعالى في جانب الرحمة دلالة على أن ما منه تابع وتتميم وما منه في جانب العذاب رعاية لترتيب الوجود مع الترقي ليكون أغيظ، وكأنه حمل { فَلَهُ } الخ على معنى فله من الله تعالى الخ وهو الظاهر، وجوز حمل { إِمَّا أَن تُعَذّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ } [الكهف: 86] على التوزيع دون التخيير، والمعنى على ما قيل: ليكن شأنك معهم إما التعذيب وإما الإحسان فالأول لمن بقي على حاله والثاني لمن تاب فتأمل.