خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً
٦٣
-مريم

روح المعاني

استئناف جيء به لتعظيم شأن الجنة وتعيين أهلها فاسم الإشارة مبتدأ و{ الجنة } خبر له والموصول صفة لها والجملة بعده صلته والعائد محذوف أي نورثها، وبذلك / قرأ الأعمش وقرأ الحسن والأعرج وقتادة ورويس وحميد وابن أبـي عبلة وأبو حيوة ومحبوب عن أبـي عمرو { نورث } بفتح الواو وتشديد الراء والمراد نبقيها على من كان تقياً من ثمرة تقواه ونمتعه بها كما نبقي على الوارث مال مورثه ونمتعه به فالإيراث مستعار للإبقاء، وإيثاره على سائر ما يدل على ذلك كالبيع والهبة لأنه أتم أنواع التمليك من حيث أنه لا يعقب بفسخ ولا استرجاع ولا إبطال، وقيل: يورث المتقون من الجنة المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا. أخرج ابن أبـي حاتم عن ابن شوذب قال: ليس من أحد إلا وله في الجنة منزل وأزواج فإذا كان يوم القيامة ورث الله تعالى المؤمن كذا وكذا منزلاً من منازل الكفار وذلك قوله تعالى: { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِى نُورِثُ } الآية، ولا يخفى أن هذا إن صح فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى العين والرأس وإلا فقد قيل عليه: إنه ضعيف لأنه يدل على أن بعض الجنة موروث والنظم الجليل يدل على أنها كلها كذلك ولأن الإيراث ينبىء عن ملك سابق لا على فرضه مع أنه لا داعي للفرض هنا لكن تعقب بأنه يكفي في الإيراث كون الموروث كان موجوداً لكن بشرط التقوى بناء على ما ذهب إليه بعضهم في قوله تعالى: { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ ٱلَّتِى وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ } [مريم: 61] حيث قال: المراد من العباد ما يعم المؤمن التقي وغيره ووعد غير المؤمن التقي مشروط بالإيمان والتقوى، نعم اختار الأكثرون أن المراد من العباد هناك المتقون والمراد منهم هنا الأعم، والمراد من التقي من آمن وعمل صالحاً على ما قيل، ولا دلالة في الآية على أن غيره لا يدخل الجنة مطلقاً، وأخرج ابن أبـي حاتم عن داود بن أبـي هند أنه الموحد فتذكر ولا تغفل.