خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِٱلْعَدْلِ وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوۤاْ أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَٰدَةِ وَأَدْنَىٰ أَلاَّ تَرْتَابُوۤاْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوۤاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
٢٨٢
-البقرة

روح المعاني

{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } بالله تعالى وبما جاء منه { إِذَا تَدَايَنتُم } أي تعاملتم وداين بعضكم بعضاً { بِدَيْنٍ } فائدة ذكره تخليص المشترك ودفع الإيهام نصراً لأن (تداينتم) يجيء بمعنى تعاملتم بدين، وبمعنى تجازيتم، ولا يرد عليه أن السياق يرفعه لأن الكلام في النصوصية على أن السياق قد لا يتنبه له إلا الفطن، وقيل: ذكر ليرجع إليه الضمير إذ لولاه لقيل: فاكتبوا الدين فلم يكن النظم بذلك الحسن عند ذي الذوق العارف بأساليب الكلام، واعترض بأن التداين يدل عليه فيكون من باب { ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ } [المائدة: 8] وأجيب بأن الدين لا يراد به المصدر بل هو أحد العوضين ولا دلالة للتداين عليه إلا من حيث السياق ولا يكتفي به في معرض البيان لا سيما وهو ملبس، وقيل: ذكر لأنه أبين لتنويع الدين إلى مؤجل، وحال لما في التنكير من الشيوع والتبعيض لما خص بالغاية ولو لم يذكر لاحتمل أن الدين لا يكون إلا كذلك { إِلَىٰ أَجَلٍ } أي وقت وهو متعلق بتداينتم، ويجوز أن يكون صفة للدين أي مؤخر أو مؤجل إلى أجل { مُّسَمًّى } بالأيام أو الأشهر، أو نظائرهما مما يفيد العلم ويرفع الجهالة لا بنحو الحصاد لئلا يعود على موضوعه بالنقض { فَٱكْتُبُوهُ } أي الدين بأجله لأنه أرفق وأوثق؛ والجمهور على استحبابه لقوله سبحانه: { فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا } والآية عند بعض ظاهرة في أن كل دين حكمه ذلك، وابن عباس يخص الدين بالسلم فقد أخرج البخاري عنه أنه قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى أن الله تعالى أجله وأذن فيه ـ ثم قرأ الآية ـ واستدل الإمام مالك بها على جواز تأجيل القرض.

{ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُم كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ } بيان لكيفية الكتابة المأمور بها وتعيين من يتولاها إثر الأمر بها إجمالاً، ومفعول ـ يكتب ـ محذوف ثقة بانفهامه أو للقصد إلى إيقاع نفس الفعل والتقييد بالظرف للإيذان بأنه ينبغي للكاتب أن لا ينفرد به أحد المتعاملين دفعاً للتهمة والجار متعلق بمحذوف وقع صفة للكاتب ـ أي ليكن الكاتب من شأنه التسوية وعدم الميل إلى أحد الجانبين بزيادة أو نقص ـ ويجوز أن يكون ظرفاً لغواً متعلقاً ـ بكاتب ـ أو بفعله، والمراد أمر المتداينين على طريق الكناية بكتابة عدل فقيه دين حتى يكون ما يكتبه موثوقاً به متفقاً عليه بين أهل العلم، فالكلام ـ كما قال الطيبـي ـ مسوق لمعنى، ومدمج فيه آخر بإشارة النص ـ وهو اشتراط الفقاهة في الكاتب لأنه لا يقدر على التسوية في الأمور/ الخطرة إلا من كان فقيهاً ـ ولهذا استدل بعضهم بالآية على أنه لا يكتب الوثائق إلا عارف بها عدل مأمون، ومن لم يكن كذلك يجب على الإمام أو نائبه منعه لئلا يقع الفساد ويكثر النزاع والله لا يحسب المفسدين.

{ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ } أي لا يمتنع أحد من الكتاب الموصوفين بما ذكر { أَن يَكْتُبَ } بين المتداينين كتاب الدين { كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ } أي لأجل ما علمه الله تعالى من كتابة الوثائق وتفضل به عليه وهو متعلق ـ بيكتب ـ والكلام على حد ـ { { وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } تعالى { { إِلَيْكَ } [القصص: 77] ـ أي ـ لا يأب أن يتفضل على الناس بكتابته لأجل أن الله تعالى تفضل عليه وميزه ـ ويجوز أن يتعلق الكاف ـ بأن يكتب ـ على أنه نعت لمصدر محذوف أو حال من ضمير المصدر على رأي سيبويه، والتقدير أن يكتب كتابة مثل ما علمه الله تعالى أو أن يكتبه أي الكتب مثل ما علمه الله تعالى وبينه له بقوله سبحانه: { بِٱلْعَدْلِ } وجوز أن يتعلق بقوله تعالى: { فَلْيَكْتُبْ } والفاء غير مانعة كما في { { وَرَبَّكَ فَكَبّرْ } [المدثر: 3] لأنها صلة في المعنى، والأمر بالكتابة بعد النهي عن الأداء منها على الأوّل للتأكيد، واحتيج إليه لأن النهي عن الشيء ليس أمراً بضده صريحاً على الأصح فأكده بذكره صريحاً اعتناءاً بشأن الكتابة، ومن هذا ذهب بعضهم إلى أن الأمر للوجوب ومن فروض الكفاية ولكن الأمر لما كان لنا لا علينا صرف عن ذلك لئلا يعود ما تقدم في مسألة جهالة الأجل، وأما على الوجه الثاني: فلا تأكيد وإنما هو أمر بالكتابة المقيدة بعد النهي عن الامتناع من المطلقة وهذا لا يفيد التأكيد لأن النهي عن الامتناع عن المطلق لا يدل على الأمر بالمقيد ليكون ذكره بعده تأكيداً، وادعاه بعضهم لأنه إذا كان الامتناع عن مطلق الكتابة منهياً فلأن يكون الامتناع عن الكتابة الشرعية منهياً بطريق الأولى، والنهي عن الامتناع عن الكتابة الشرعية أمر بها فيكون الأمر بالكتابة - الشرعية صريحاً للتوكيد، وأيضاً إذا ورد مطلق ومقيد والحادثة واحدة يحمل المطلق على المقيد سواء تقدم المطلق أو تأخر فكما حمل الأمر بمطلق الكتابة في الوجه الأول على الكتابة المقيدة ليفيد التأكيد، فلم لم يحمل النهي عن الامتناع عن مطلق الكتابة على الكتابة المقيدة للتأكيد، وهل التفرقة بين الأمرين إلا تحكم بحت كما لا يخفى؟! و(ما) قيل: إما مصدرية أو كافة ـ وجوز أن تكون موصولة أو موصوفة ـ وعليهما فالضمير لها، وعلى الأولين للكاتب؛ وقدر بعضهم على كل تقدير المفعول الثاني لعلم كتابة الوثائق فافهم.

{ وَلْيُمْلِلِ } من الإملال بمعنى الإلقاء على الكاتب ما يكتبه وفعله أمللت، وقد يبدل أحد المضاعفين ياءاً ويتبعه المصدر فيه وتبدل همزة لتطرفها بعد ألف زائدة فيقال: إملاءاً فهو والإملال بمعنى، أي: وليكن الملقى على الكاتب ما يكتبه من الدين { ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ } وهو المطلوب لأنه المشهود عليه فلا بد أن يكون هو المقر لا غيره وانفهام الحصر من تعليق الحكم بالوصف فإن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية والأصل عدم علة أخرى { وَلْيَتَّقِ } أي الذي عليه الحق { ٱللَّهَ رَبَّهُ } جمع بين الاسم الجليل والوصف الجميل مبالغة في الحث على التقوى بذكر ما يشعر بالجلال والجمال { وَلاَ يَبْخَسْ } أي لا ينقص { مِنْهُ } أي من الحق الذي يمليه على الكاتب { شَيْئاً } وإن كان حقيراً، وقرىء (شياً) بطرح الهمزة (وشيّاً) بالتشديد. وهذا هو التفسير المأثور عن سعيد بن جبير، وقيل: يجوز أن يرجع ضمير ـ يتق ـ للكاتب وليس بشيء لأن ضمير (يبخس) لمن عليه الحق إذ هو الذي يتوقع منه البخس خاصة، وأما الكاتب فيتوقع منه الزيادة كما يتوقع منه النقص فلو أريد نهيه لنهى/ عن كليهما، وقد فعل ذلك حيث أمر بالعدل وإرجاع كل منهما لكل منهما تفكيك لا يدل عليه دليل، وإنما شدد في تكليف المملي حيث جمع فيه بين الأمر بالاتقاء والنهي عن البخس لما فيه من الدواعي إلى المنهي عنه فإن الإنسان مجبول على دفع الضرر عنه ما أمكن، وفي { مِنْهُ } وجهان: أحدهما: أن يكون متعلقاً بيبخس و ـ من ـ لابتداء الغاية، وثانيهما: أن يكون متعلقاً بمحذوف لأنه في الأصل صفة للنكرة فلما قدمت عليه نصبت حالاً، و { شَيْئاً } إما مفعول به وإما مصدر.

{ فَإن كَانَ ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ } صرح بذلك في موضع الإضمار لزيادة الكشف لا لأن الأمر والنهي لغيره، وعليه متعلق بمحذوف أي وجب و (الحق) فاعل، وجوز أن يكون { عَلَيْهِ } خبراً مقدماً و { ٱلْحَقّ } مبتدءاً مؤخراً فتكون الجملة اسمية، وعلى التقديرين لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول { سَفِيهًا } أي عاجزاً أحمق قاله ابن زيد، أو جاهلاً بالإملال قاله مجاهد، أو مبذراً لماله ومفسداً لدينه قاله الشافعي { أَوْ ضَعِيفًا } أي صبياً، أو شيخاً خرفاً { أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ } جملة معطوفة على مفرد هو خبر (كان) لتأويلها بالمفرد أي ـ أو غير مستطيع للإملاء بنفسه لخرس ـ كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أو لما هو أعم منه ومن الجهل باللغة وسائر العوارض المانعة، والضمير البارز توكيد للضمير المستتر في ـ أن يمل ـ وفائدة التوكيد به رفع المجاز الذي كان يحتمله إسناد الفعل إلى الضمير والتنصيص على أنه غير مستطيع بنفسه، وقيل: إن الضمير فاعل ـ ليمل ـ وتغيير الأسلوب اعتناءاً بشأن النفي، ولا يخفى حسن الإدغام هنا والفك فيما تقدم، ومثله الفك في قوله تعالى: { فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ } أي متولي أمره وإن لم يكن خصوص الولي الشرعي فيشمل القيم والوكيل والمترجم، والإقرار عن الغير في مثل هذه الصورة مقبول وفرق بينه وبين الإقرار على الغير فاعرفه { بِٱلْعَدْلِ } بين صاحب الحق والمولى عليه فلا يزيد ولا ينقص ولم يكلف بعين ما كلف به من غير الحق لأنه يتوقع منه الزيادة كما يتوقع منه البخس.

واستدل بعضهم ـ بالآية على أنه لا يجوز أن يكون الوصي ذمياً ولا فاسقاً وأنه يجوز أن يكون عبداً أو امرأة لأنه لم يشترط في الأولياء إلا العدالة ذكره ابن الفرس ـ وليس بشيء كما لا يخفى. ومن الناس من استدل بقوله سبحانه: { فَلْيَكْتُبْ } { وَلاَ يَأْبَ } على وجوب الكتابة، وإلى ذلك ذهب الشعبـي والجبائي والرماني إلا أنهم قالوا: إنها واجبة على الكفاية ـ وإليه يميل كلام الحسن ـ وقال مجاهد والضحاك: واجب عليه أن يكتب إذا أمر، وقيل: هي مندوبة، وروي عن الضحاك أنها كانت واجبة ثم نسخ ذلك.

{ وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ } أي اطلبوهما ليتحملا الشهادة على ما جرى بينكما، وجوز أن تكون السين والتاء زائدتين أي اشهدوا؛ وفي اختيار صيغة المبالغة إيماء إلى طلب من تكررت منه الشهادة فهو عالم بموقعها مقتدر على أدائها وكأن فيه رمزاً إلى العدالة لأنه لا يتكرر ذلك من الشخص عند الحكام إلا وهو مقبول عندهم ولعله لم يقل رجلين لذلك، والأمر للندب أو للوجوب على الخلاف في ذلك { مّن رّجَالِكُمْ } متعلق باستشهدوا ـ و { مِنْ } لابتداء الغاية أو بمحذوف على أنه صفة لشهيدين، و { مِنْ } تبعيضية والخطاب للمؤمنين المصدر بهم الآية، وفي ذكر الرجال مضافاً إلى ضمير المخاطبين دلالة على اشتراط الإسلام والبلوغ والذكورة في الشاهدين والحرية لأن المتبادر من الرجال الكاملون والأرقاء بمنزلة البهائم، وأيضاً خطابات الشرع لا تنتظم العبيد بطريق العبارة كما بين في محله، وذهب الإمامية إلى عدم اشتراط الحرية في قبول الشهادة وإنما/ الشرط فيه عندهم الإسلام والعدالة، وإلى ذلك ذهب شريح وابن سيرين وأبو ثور وعثمان البتي وهو خلاف المروي عن علي كرم الله تعالى وجهه ـ فإنه لم يجوز شهادة العبد في شيء ولم تتعرض الآية لشهادة الكفار بعضهم على بعض، وأجاز ذلك قياساً الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه وإن اختلفت مللهم.

{ فَإِن لَّمْ يَكُونَا } أي الشهيدان { رَّجُلَيْنِ } أي لم يقصد إشهادهما ولو كانا موجودين والحكم من قبيل نفي العموم لا عموم النفي وإلا لم يصح قوله تعالى: { فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ } أي فإن لم يكونا رجلين مجتمعين فليشهد رجل وامرأتان، أو فرجل وامرأتان يشهدون أو يكفون، أو فالشاهد رجل وامرأتان أو فليستشهد رجل وامرأتان، أو فليكن رجل وامرأتان شهوداً، وإن جعلت ـ يكن ـ تامة استغنى عن تقدير شهود، وكفاية الرجل والمرأتين في الشهادة فيما عدا الحدود والقصاص عندنا، وعند الشافعي في الأموال خاصة لا في غيرها كعقد النكاح، وقال مالك: لا تجوز شهادة أولئك في الحدود ولا القصاص ولا الولاء ولا الإحصان، وتجوز في الوكالة والوصية إذا لم يكن فيها عتق، وأما قبول شهادة النساء مفردات فقد قالوا به في الولادة والبكارة والاستهلال وما يجري مجرى ذلك مما بين في الكتب الفقهية، وقرىء ـ وامرأتان ـ بهمزة ساكنة، ولعل ذلك لاجتماع المتحركات.

{ مِمَّن تَرْضَوْنَ } متعلق بمحذوف وقع صفة لرجل وامرأتان أي كائنون ممن ترضونهم والتصريح بذلك هنا مع تحقق اعتباره في كل شهيد لقلة اتصاف النساء به فلا يرد ما في «البحر» من أن جعله صفة للمذكور يشعر بانتفاء هذا الوصف عن شهيدين، وقيل: هو صفة لشهيدين ـ وضعف بالفصل الواقع بينهما، وقيل: بدل من ـ رجالكم ـ بتكرير العامل وضعف بالفصل أيضاً، واختار أبو حيان تعلقه ـ باستشهدوا ـ ليكون قيداً في الجميع ويلزمه الفصل بين اشتراط المرأتين وتعليله ـ وهو كما ترى ـ والخطاب للمؤمنين، وقيل: للحكام ولم يقل من المرضيين لإفهامه اشتراط كونهم كذلك في نفس الأمر ولا طريق لنا إلى معرفته فإن لنا الظاهر والله تعالى يتولى السرائر { مِنَ ٱلشُّهَدَاء } متعلق بمحذوف على أنه حال من العائد المحذوف أي ممن ترضونهم حال كونهم كائنين بعض الشهداء لعلمكم بعدالتهم وإدراج النساء في الجمع بطريق التغليب.

{ أَن تَضِلَّ أَحْدَهُمَا فَتُذَكّرَ أَحَدُهُمَا ٱللأخْرَىٰ } بيان لحكمة مشروعية الحكم واشتراط العدد في النساء أي شرع ذلك إرادة أن تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت إحداهما لما أن النسيان غالب على طبع النساء لكثرة الرطوبة في أمزجتهن، وقدرت الإرادة لما أن قيد الطلب يجب أن يكون فعلاً للآمر وباعثاً عليه وليس هو هنا إلا إرادة الله تعالى للقطع بأن الضلال والتذكير بعده ليس هو الباعث على الأمر بل إرادة ذلك، واعترض بأن النسيان وعدم الاهتداء للشهادة لا ينبغي أن يكون مراد الله تعالى بالإرادة الشرعية سيما وقد أمر بالاستشهاد، وأجيب بأن الإرادة لم تتعلق بالضلال نفسه أعني عدم الاهتداء للشهادة بل بالضلال المرتب عليه الإذكار، ومن قواعدهم أن القيد هو مصب الغرض فصار كأنه علق الإرادة بالإذكار المسبب عن الضلال والمرتب عليه فيؤول التعليل إلى ما ذكرنا، وهذا أولى مما ذهب إليه البعض في الجواب من أن المراد من الضلال الإذكار لأن الضلال سبب للإذكار فأطلق السبب وأريد المسبب لظهور أنه لا يبقى على ظاهره معنى لقوله تعالى: { فَتُذَكّرَ } قيل: والنكتة في إيثار { أَن تَضِلَّ } الخ على ـ أن تذكر إن ضلت ـ الإيماء إلى شدة الاهتمام بشأن الإذكار بحيث صار/ ما هو مكروه كأنه مطلوب لأجله من حيث كونه مفضياً إليه، و (إحداهما) الثانية يجوز أن تكون فاعل ـ تذكر ـ وليس من وضع المظهر موضع المضمر إذ ليست المذكرة هي الناسية، ويجوز أن تكون مفعولاً لتذكر ـ والأخرى ـ فاعل وليس من قبيل ضرب موسى عيسى ـ كما وهم ـ حتى يتعين الأول بل من قبيل ـ أرضعت الصغرى الكبرى ـ لأن سبق إحداهما بعنوان نسبة الضلال رافع للضلال والسبب في تقديم المفعول على الفاعل التنبيه على الاهتمام بتذكير الضال ولهذا ـ كما قيل ـ عدل عن الضمير إلى الظاهر لأن التقديم حينئذٍ لا ينبه على الاهتمام كما ينبه عليه تقديم المفعول الظاهر الذي لو أخر لم يلزم شيء سوى وضعه موضعه الأصلي.

وذكر غير واحد أن العدول عن ـ فتذكرها ـ الأخرى ـ وهي قراءة ابن مسعود كما رواه الأعمش ـ إلى ما في النظم الكريم لتأكيد الإبهام والمبالغة في الاحتراز عن توهم اختصاص الضلال ـ بإحداهما ـ بعينها والتذكير بالأخرى، وأبعد الحسين بن علي المغربـي في هذا المقام فجعل ضمير (إحداهما) الأولى راجعاً إلى الشهادتين، وضمير (إحداهما) الأخرى إلى المرأتين فالمعنى ـ أن تضل إحدى الشهادتين أي تضيع بالنسيان فتذكر إحدى المرأتين الأخرى منهما ـ وأيده الطبرسي بأنه لا يسمى ناسي الشهادة ضالاً وإنما يقال: ضلت الشهادة إذا ضاعت كما قال سبحانه: { { ضَـلُّواْ عَنَّا } [الأعراف: 37] أي ضاعوا منا، وعليه يكون الكلام عارياً عن شائبة توهم الإضمار في مقام الإظهار رأساً وليس بشيء إذ لا يكون لإحداهما أخرى في الكلام مع حصول التفكيك وعدم الانتظام، وما ذكر في التأييد ينبـىء عن قلة الاطلاع على اللغة. ففي «نهاية ابن الأثير» وغيرها إطلاق الضال على الناسي، وقد روي ذلك في الآية عن سعيد بن جبير والضحاك والربيع والسدي وغيرهم، ويقرب هذا في الغرابة مما قيل: إنه من بدع التفسير وهو ما حكي عن ابن عيينة أن معنى { فَتُذَكّرَ } الخ فتجعل إحداهما الأخرى ذكراً يعني أنهما إذا اجتمعتا كانتا بمنزلة الذكر فإن فيه قصوراً من جهة المعنى واللفظ لأن التذكير في مقابلة النسيان معنى مكشوف وغرض بين، ورعاية العدد لأن النسوة محل النسيان كذلك ولأن جعلها ذكراً مجاز عن إقامتها مقام الذكر ثم تجوز ثانياً لأنهما القائمتان مقامه فلم تجعل إحداهما الأخرى قائمة مقامه ـ وبعد التجوز ليس على ظاهره ـ لأن الاحتياج إلى اقتران ذكر البتة معهما.

وقوله سبحانه: { فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ } ينبئان عن قصورهما عن ذلك أيضاً ـ والتزام توجيه مثل ذلك، وعرضه في سوق القبول ـ لا يعد فضلاً بل هو عند أرباب الذوق عين الفضول، ولقد رأيت في «طراز المجالس» أن الخفاجي سأل قاضي القضاة شهاب الدين الغزنوي عن سر تكرار ـ إحدى ـ معرضاً بما ذكره المغربـي فقال:

يا رأس أهل العلوم السادة البرره ومن نداه على كل الورى نشره
ما سر تكرار ـ إحدى ـ دون تذكرها في آية لذوي الأشهاد في البقره
وظاهر الحال إيجاز الضمير على تكرار (إحداهما) لو أنه ذكره
وحمل الإحدى على نفس الشهادة في أولاهما ليس مرضياً لدى المهره
فغص بفكرك لاستخراج جوهره من بحر علمك ثم ابعث لنا درره

فأجاب القاضي

يا من فوائده بالعلم منتشره ومن فضائله في الكون مشتهره
يا من تفرد في كشف العلوم لقد وافى سؤالك والأسرار مستتره
(تضل إحداهما) فالقول محتمل كليهما فهي للإظهار مفتقره
ولو أتى بضمير كان مقتضيا تعيين واحدة للحكم معتبره
ومن رددتم عليه الحل فهو كما أشرتم ليس مرضياً لمن سبره
هذا الذي سمح الذهن الكليل به والله أعلم في الفحوى بما ذكره

وقرىء { أَن تَضِلَّ } بالبناء للمفعول والتأنيث، وقرىء ـ فتذاكر ـ وقرأ ابن كثير ويعقوب وأبو عمرو والحسن ـ فتذكر ـ بسكون الذال وكسر الكاف، وحمزة { أَن تَضِلَّ } على الشرط فتذكر بالرفع وعلى ذلك فالفعل مجزوم والفتح لالتقاء الساكنين، والفاء في الجزاء قيل: لتقدير المبتدأ وهو ضمير القصة أو الشهادة، وقيل: لا تقدير لأن الجزاء إذا كان مضارعاً مثبتاً يجوز فيه الفاء وتركه، وقيل: الأوجه أن يقدر المبتدأ ضمير ـ الذاكرة ـ و (إحداهما) بدل عنه أو عن الضمير في (تذكر) وقال بعض المحققين: الأوجه من هذا كله تقدير ضمير التثنية أي فهما ـ تذكر إحداهما الأخرى ـ وعليه كلام كثير من المعربين، والقائلون عن ذلك تفرقوا أيدي سبا لما رأوا تنظير الزمخشري قراءة الرفع بقوله تعالى: { وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ } [المائدة: 95] ولم يتفطنوا بأن ذلك إنما هو من جهة تقدير ضمير بعد الفاء بحسب ما يقتضيه المقام لا من جهة خصوص الضمير إفراداً وتثنية والله تعالى الملهم للرشاد فتدبر.

{ وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُواْ } لأداء الشهادة أو لتحملها ـ وهو المروي عن ابن عباس والحسن رضي الله تعالى عنهم ـ وخص ذلك مجاهد وابن جبير بالأول وهو الظاهر لعدم احتياجه إلى ارتكاب المجاز إلا أن المروي عن الربيع أن الآية نزلت حين كان الرجل يطوف في القوم الكثير فيدعوهم إلى الشهادة فلا يتبعه أحد منهم فإن ظاهره يستدعي القول بمجاز المشارفة، و { مَا } صلة وهي قاعدة مطردة بعد { إِذَا }.

{ وَلاَ تَسْـئَمُواْ } أي تملوا أو تضجروا، ومنه قول زهير:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً لا أبا لك يسأم

{ أَن تَكْتُبُوهُ } أي الدين أو (الحق) ـ أو الكتاب المشعر به الفعل والمنسبك مفعول به ـ لتسأموا ـ ويتعدى بنفسه، وقيل: يتعدى بحرف الجر وحذف للعلم به، وقيل: المراد من ـ السأم ـ الكسل إلا أنه كنى به عنه لأنه وقع في القرآن صفة للمنافقين كقوله تعالى: { { وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ } [النساء: 142] ولذا وقع في الحديث: "لا يقول المؤمن كسلت وإنما يقول ثقلت" وقرىء ـ ولا يسأموا ـ أن يكتبوه بالياء فيهما { صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا } حالان من الضمير أي على كل حال قليلاً أو كثيراً مجملاً أو مفصلاً، وقيل: منصوبان على أنهما خبرا كان المضمرة وقدم الصغير على الكبير اهتماماً به وانتقالاً من الأدنى إلى الأعلى { إِلَى أَجَلِهِ } حال من الهاء في ـ تكتبوه ـ أي مستقراً في ذمة المدين إلى وقت حلوله الذي أقر به وليس متعلقاً بتكتبوه لعدم استمرار الكتابة إلى الأجل إذ هي مما ينقضي في زمن يسير.

{ ذٰلِكُمْ } أي الكتب ـ وهو الأقرب ـ أو الإشهاد ـ وهو الأبعد ـ أو جميع ما ذكر ـ وهو الأحسن ـ والخطاب للمؤمنين { أَقْسَطُ } أي أعدل { عَندَ ٱللَّهِ } أي في حكمه سبحانه. { وَأَقْوَمُ لِلشَّهَـٰدَةِ } أثبت لها وأعون على إقامتها وأدائها وهما مبنيان من أقسط وأقام على رأي سيبويه فإنه يجيز بناء أفعل من الأفعال من غير شذوذ، وقيل: من قاسط بمعنى ذي قسط وقويم، وقال أبو حيان: قسط يكون بمعنى جار وعدل، وأقسط/ بمعنى عدل لا غير حكاه ابن القطاع ـ وعليه لا حاجة إلى رأي سيبويه في أقسط ـ وقيل: هو من قسط بوزن كرم بمعنى صار ذا قسط أي عدل، وإنما صحت الواو في أقوم ولم يقل أقام لأنها لم تقلب في فعل التعجب نحو ما أقومه لجموده إذ هو لا يتصرف وأفعل التفضيل يناسبه معنى فحمل عليه { وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ } أي أقرب إلى انتفاء ريبكم وشككم في جنس الدين وقدره وأجله ونحو ذلك، قيل: وهذا حكمة خلق اللوح المحفوظ، والكرام الكاتبين مع أنه الغني الكامل عن كل شيء تعليماً للعباد وإرشاداً للحكام، وحرف الجر مقدر هنا ـ وهو إلى كما سمعت ـ وقيل: اللام، وقيل: من، وقيل في، ولكل وجهة.

{ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَـٰرَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ } استثناء منقطع من الأمر بالكتابة فقوله تعالى: { فَلْيَكْتُبْ بَّيْنَكُم كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ } إلى هنا جملة معترضة بين المستثنى والمستثنى منه أي لكن وقت كون تداينكم أو تجارتكم تجارة حاضرة بحضور البدلين تديرونها بينكم بتعاطيها يداً بيد ـ كذا قيل ـ. وفي «الدر المصون» يجوز أن يكون استثناءاً متصلاً من الاستشهاد فيكون قد أمر بالاستشهاد في كل حال إلا في حال حضور التجارة، وقيل: إنه استثناء من هذا وذاك وهو منقطع أيضاً أي لكن التجارة الحاضرة يجوز فيها عدم الاستشهاد والكتابة؛ وقيل: غير ذلك ـ ولعل الأول أولى ـ ونصب عاصم (تجارة) على أنها خبر (تكون) واسمها مستتر فيها يعود إلى التجارة ـ كما قال الفراء ـ وعود الضمير في مثل ذلك على متأخر لفظاً ورتبة جار في فصيح الكلام، وقال بعضهم: يعود إلى المداينة والمعاملة المفهومة من الكلام، وعليه فالتجارة مصدر لئلا يلزم الإخبار عن المعنى بالعين، ورفعها الباقون على أنها اسم { تَكُونُ } والخبر جملة { تُدِيرُونَهَا } ويجوز أن تكون { تَكُونُ } تامة فجملة { تُدِيرُونَهَا } صفة. { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا } أي فلا مضرة عليكم أو لا إثم في عدم كتابتكم لها لبعد ذلك عن التنازع والنسيان، أو لأن في تكليفكم الكتابة حينئذٍ مشقة جداً وإدخال الفاء للإيذان بتعلق ما بعدها بما قبلها.

{ وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ } أي هذا التبايع المذكور أو مطلقاً { وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ } نهي عن المضارة ـ والفعل يحتمل البناء للفاعل والبناء للمفعول ـ والدليل عليه قراءة عمر رضي الله تعالى عنه ـ ولا يضارر ـ بالفك والكسر، وقراءة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بالفك والفتح ـ والمعنى على الأول: ـ نهي الكاتب والشاهد عن ترك الإجابة إلى ما يطلب منهما وعن التحريف والزيادة والنقصان، وعلى الثاني: النهي عن الضرار بهما بأن يعجلا عن مهم أو لا يُعطى الكاتب حقه من الجعل أو يحمل الشاهد مؤونة المجىء من بلد، ويؤيد هذا المعنى ما أخرجه ابن جرير عن الربيع قال: لما نزلت هذه الآية { وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ } الخ كان أحدهم يجىء إلى الكاتب فيقول: اكتب لي فيقول: إني مشغول أو لي حاجة فانطلق إلى غيري فيلزمه ويقول: إنك قد أمرت أن تكتب لي فلا يدعه ويضاره بذلك، وهو يجد غيره فأنزل الله تعالى: { وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ } وحمل بعضهم الصيغة على المعنيين وليس بشيء كما لا يخفى، وقرأ الحسن ـ ولا يضار ـ بالكسر. وقرىء بالرفع على أنه نفي بمعنى النهي.

{ وَإِن تَفْعَلُواْ } ما نهيتم عنه من الضرار أو منه ومن غيره وبعيد وقوعه منكم { فَإِنَّهُ } أي ذلك الفعل { فُسُوقٌ بِكُمْ } أي خروج عن طاعة متلبس بكم، وجوز كون الباء للظرفية، قيل: وهو أبلغ إذ جعلوا محلاً للفسق { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } فيما أمركم به ونهاكم عنه { وَيُعَلّمُكُمُ ٱللَّهُ } أحكامه المتضمنة لمصالحكم { وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ } فلا يخفى عليه حالكم وهو مجازيكم بذلك فإن قيل: كيف كرر سبحانه الاسم الجليل في الجمل الثلاث وقد استكرهوا مثل قوله:

فما للنوى جذ النوى قطع النوى

حتى قيل: سلط الله تعالى عليه شاة تأكل نواه؟ أجيب بأن التكرير منه المستحسن ومنه المستقبح، فالمستحسن كل تكرير يقع على طريق التعظيم أو التحقير في جمل متواليات كل جملة منها مستقلة بنفسها، والمستقبح هو أن يكون التكرير في جملة واحدة أو في جمل بمعنى ولم يكن فيه التعظيم والتحقير، وما في البيت من القسم الثاني لأن ـ جذ النوى قطع النوى ـ فيه بمعنى واحد وما في الآية درة تاج القسم الأول لأن { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } حث على تقوى الله تعالى { وَيُعَلّمُكُمُ ٱللَّهُ } وعد بإنعامه سبحانه { وَٱللَّهُ بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ } تعظيم لشأنه عز شأنه، ومن هنا علمت وجه العطف فيها من اختلافها في الظاهر خبراً وإنشاءاً، ومن الناس من جوز كون الجملة الوسطى حالاً من فاعل { ٱتَّقُوْاْ } أي اتقوا الله مضموناً لكم التعليم، ويجوز أن تكون حالاً مقدرة، والأولى ما قدمنا لقلة اقتران الفعل المضارع المثبت الواقع حالاً بالواو.