خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ
٣٨
-طه

روح المعاني

ظرف لمننا سواء كان بدلاً من { { مَرَّةً } [طه: 37] أم لا، وقيل: تعليل وهو خلاف الظاهر، والمراد بالإيحاء عند الجمهور ما كان بإلهام كما في قوله تعالى: { { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْلِ } [النحل: 68] وتعقب بأنه بعيد لأنه قال تعالى في سورة القصص [7] { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَـٰعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } ومثله لا يعلم بالإلهام وليس بشيء لأنها قد تكون شاهدت منه عليه السلام ما يدل على نبوته وأنه تعالى لا يضيعه، وإلهام الأنفس القدسية مثل ذلك لا بعد فيه فإنه نوع من الكشف ألا ترى قول عبد المطلب وقد سمى نبينا صلى الله عليه وسلم محمداً فقيل له: لم سميت ولدك محمداً وليس في أسماء آبائك؟: إنه سيحمد، وفي رواية رجوت أن يحمد في السماء والأرض مع أن كون ذلك داخلاً في الملهم ليس بلازم. واستظهر أبو حيان أنه كان ببعث ملك إليها لا على جهة النبوة كما بعث إلى مريم وهو مبني على أن الملك يبعث إلى غير الأنبياء عليهم السلام وهو الصحيح لكن قيل: عليه أنه حينئذ ينتقض تعريف النبـي بأنه من أوحي إليه، ولو قيل: من أوحي إليه على وجه النبوة دار التعريف وأجيب بأنه لا يتعين ذلك. ولو قيل: من أوحي إليه بأحكام شرعية لكنه لم يؤمر بتبليغها لم يلزم محذور. وقال الجبائي: إنه كان بالإراءة مناماً. وقيل: كان على لسان نبـي في وقتها كما في قوله تعالى: { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيّينَ } [المائدة: 111] وتعقب بأنه خلاف الظاهر فإنه لم ينقل أنه كان نبـي في مصر زمن فرعون قبل موسى عليه السلام.

وأجيب بأن ذلك لا يتوقف على كون النبـي في مصر، وقد كان شعيب عليه السلام نبياً في زمن فرعون في مدين فيمكن أن يكون أخبرها بذلك على أن كثرة أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام مما شاع وذاع، والحق أن إنكار كون ذلك خلاف الظاهر مكابرة. واختلف في اسم أمه عليه السلام والمشهور أنه يوحانذ، وفي «الإتقان» هي محيانة بنت يصهر بن لاوى، وقيل: بارخا، وقيل: بازخت وما اشتهر من خاصية فتح الأقفال به بعد رياضة مخصوصة له مما لم نجد فيه أثراً ولعله حديث خرافة، والمراد بما يوحى ما قصه الله تعالى فيما بعد من الأمر بقذفه في التابوت وقدفه في البحر أبهم أولاً تهويلاً له وتفخيماً لشأنه، ثم فسر ليكون أقر عند النفس، وقيل: معناه ما ينبغي أن يوحى، ولا يخل به لعظم شأنه وفرط الاهتمام به كما يقال هذا مما يكتب، وقيل: ما لا يعلم إلا بالوحي، والأول أوفق بكل من المعاني السابقة المرادة بالإيحاء إلا أنه قيل عليه: إنه لو كان المراد / منه التفخيم والتهويل لقيل إذ أوحينا إلى أمك ما أوحينا كما قال سبحانه { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ } [النجم: 10]، وقال تعالى: { فَغَشِيَهُمْ مّنَ ٱلْيَمّ مَا غَشِيَهُمْ } [طه: 78] فإن تم هذا فما قيل في معناه ثانياً أولى فتدبر.