خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ
٨
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ
٩
-طه

روح المعاني

قوله سبحانه { اللَّهُ } خبر مبتدأ محذوف والجملة استئناف مسوق لبيان أن ما ذكر من صفات الكمال موصوفها ذلك المعبود الحق أي ذلك المنعوت بما ذكر من النعوت الجليلة الله عز وجل، وقوله تعالى: { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } تحقيق للحق وتصريح بما تضمنه ما قبله من اختصاص الألوهية به سبحانه فإن ما أسند إليه عز شأنه من خلق جميع الموجودات والعلو اللائق بشأنه على جميع المخلوقات والرحمانية والمالكية للعلويات والسفليات والعلم الشامل مما يقتضيه اقتضاء بيناً، وقوله تبارك اسمه { لَهُ ٱلأَسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ } بيان لكون ما ذكر من الخالقية وغيرها أسماءه تعالى وصفاته من غير تعدد في ذاته تعالى وجاء الاسم بمعنى الصفة ومنه قوله تعالى: { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء قُلْ سَمُّوهُمْ } } [الرعد: 33] والحسنى تأنيث الأحسن وصفة المؤنثة المفردة تجري على جمع التكسير وحسن ذلك كونها وقعت فاصلة، وقيل: تضمنها الإشارة إلى عدم التعدد حقيقة بناء على عدم زيادة صفاته تعالى على ذاته واتحادها معها وفضل أسماء الله تعالى على سائر الأسماء في غاية الظهور، وجوز أبو حيان كون الاسم الجليل مبتدأ وجملة { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } خبره وجملة { لَهُ ٱلأَسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ } خبر بعد خبر، وظاهر صنيعه يقتضي اختيار لأنه المتبادر للذهن، ولا يخفى على المتأمل أولية ما تقدم. وقوله تعالى: { وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } مسوق لتقرير أمر التوحيد الذي انتهى إليه مساق الحديث وبيان أنه أمر مستمر فيما بين الأنبياء عليهم السلام كابراً عن كابر وقد خوطب به موسى عليه السلام حيث قيل له { { إِنَّنِى أَنَا ٱللَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ } [طه: 14] وبه ختم عليه السلام مقاله حيث قال: { { إِنَّمَا إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُو } َ } [طه: 98] وقيل: مسوق لتسليته صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى: { مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لِتَشْقَىٰ } [طه: 2] بناء على ما نقل عن مقاتل في سبب النزول إلا أن الأول تسلية له عليه الصلاة والسلام برد ما قاله قومه وهذا تسلية له صلى الله عليه وسلم بأن إخوانه من الأنبياء عليهم السلام قد عراهم من أممهم ما عراهم وكانت العاقبة لهم وذكر مبدأ نبوة موسى عليه السلام نظير ما ذكر إنزال القرآن عليه عليه الصلاة والسلام. وقيل: مسوق لترغيب النبـي صلى الله عليه وسلم في الائتساء بموسى عليه السلام في تحمل أعباء النبوة والصبر على مقاساة الخطوب في تبليغ أحكام الرسالة بعد ما خاطبه سبحانه بأنه كلفه التبليغ الشاق بناء على أن معنى قوله تعالى: { { مَا أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءانَ لِتَشْقَىٰ * إِلاَّ تَذْكِرَةً لّمَن يَخْشَىٰ } [طه: 2-3] إنا أنزلنا عليك القرآن لتحتمل متاعب التبليغ ومقاولة العتاة من أعداء الإسلام ومقاتلتهم وغير ذلك من أنواع المشاق وتكاليف النبوة وما أنزلنا عليك هذا المتعب الشاق إلا ليكون تذكرة فالواو كما قاله غير واحد لعطف القصة على القصة ولا نظر في ذلك إلى تناسبهما خبراً وطلباً بل يشترط التناسب فيما سيقتا له مع أن المعطوف هٰهنا قد يؤول بالخبر. / ولا يخفى أن ما تقدم جار على سائر الأوجه والأقوال في الآية السابقة، وسبب نزولها ولا يأباه شيء من ذلك، والاستفهام تقريري، وقيل: هل بمعنى قد؛ وقيل: الاستفهام إنكاري ومعناه النفي أي ما أخبرناك قبل هذه السورة بقصة موسى عليه السلام ونحن الآن مخبروك بها والمعول عليه الأول، والحديث الخبر ويصدق على القليل والكثير ويجمع على أحاديث على غير قياس. قال الفراء: نرى أن واحد الأحاديث أحدوثة ثم جعلوه جمعاً للحديث، وقال الراغب: الحديث كل كلام يبلغ الإنسان من جهة السمع أو الوحي في يقظته أو منامه ويكون مصدراً بمعنى التكلم. وحمله بعضهم على هذا هنا بقرينة { { فَقَالَ } [طه: 10] الخ، وعلق به قوله تعالى: { إِذْ رَءا نَارًا... }.