خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ
١٠٠
-الأنبياء

روح المعاني

{ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } هو صوت نفس المغموم يخرج من أقصى الجوف، وأصل الزفر كما قال الراغب: ترديد النفس حتى تنتفخ منه الضلوع، والظاهر أن ضمير { لَهُمْ } للكل أعني العبدة والمعبودين، وفيه تغليب العقلاء على غيرهم من الأصنام حيث / جيء بضمير العقلاء راجعاً إلى الكل، ويجري ذلك في { { خَـٰلِدُونَ } [الأنبياء:99] أيضاً، وكذا غلب من يتأتى منه الزفير ممن فيه حياة على غيره من الأصنام أيضاً حيث نسب الزفير للجميع، وجوز أن يجعل الله تعالى للأصنام التي عبدت حياة فيكون حالها حال من معها ولها ما لهم فلا تغليب، وقيل: الضمير للمخاطبين في { { إِنَّكُمْ } [الأنبياء:98] خاصة على سبيل الالتفات فلا حاجة إلى القول بالتغليب أصلاً. ورد بأنه يوجب تنافر النظم الكريم ألا ترى قوله تعالى: { { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } [الأنبياء: 98] كيف جمع بينهم تغليباً للمخاطبين فلو خص { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } لزم التفكيك، وكذا الكلام في قوله تعالى: { وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } أي لا يسمع بعضهم زفير بعض لشدة الهول وفظاعة العذاب على ماقيل، وقيل: لا يسمعون لو نودي عليهم لشدة زفيرهم، وقيل: لا يسمعون ما يسرهم من الكلام إذ لا يكلمون إلا بما يكرهون، وقيل: إنهم يبتلون بالصمم حقيقة لظاهر قوله تعالى: { { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمّا } [الإسراء: 97] وهو كما ترى.

وذكر في حكمة إدخال المشركين النار مع معبوداتهم أنها زيادة غمهم برؤيتهم إياها معذبة مثلهم وقد كانوا يرجون شفاعتها، وقيل: زيادة غمهم برؤيتها معهم وهي السبب في عذابهم فقد قيل:

واحتمال الأذى ورؤية جانيـ ـه غذاء تضنى به الأجسام

وظاهر بعض الأخبار أن نهاية المخلدين أن لا يرى بعضهم بعضاً فقد روى ابن جرير وجماعة عن ابن مسعود أنه قال: إذا بقي في النار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من حديد فيها مسامير من حديد ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت من حديد ثم قذفوا في أسفل الجحيم فما يرى أحدهم أنه يعذب في النار غيره ثم قرأ الآية { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } ومنه يعلم قول آخر في { لاَ يَسْمَعُونَ } والله تعالى أعلم.