خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ ٱلْخَالِدُونَ
٣٤
-الأنبياء

روح المعاني

{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ } كائناً من كان { مّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ } أي الخلود والبقاء في الدنيا لكونه مخالفاً للحكمة التكوينية والتشريعية، وقيل الخلد المكث الطويل ومنه قولهم للأثافي: خوالد، واستدل بذلك على عدم حياة الخضر عليه السلام، وفيه نظر { أَفَإِيْن مّتَّ } بمقتضى حكمتنا { فَهُمُ ٱلْخَـٰلِدُونَ } نزلت حين قالوا { { نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ ٱلْمَنُونِ } [الطور: 30] والفاء الأولى لتعليق الجملة الشرطية بما قبلها والهمزة لإنكار مضمونها وهي في الحقيقة لإنكار جزائها أعني ما بعد الفاء الثانية. وزعم يونس أن تلك الجملة مصب الإنكار والشرط معترض بينهما وجوابه محذوف تدل عليه تلك الجملة وليس بذاك، ويتضمن إنكار ما ذكر إنكار ما هو مدار له وجوداً وعدماً من شماتتهم بموته صلى الله عليه وسلم كأنه قيل أفإن مت فهم الخالدون حتى يشمتوا بموتك، وفي معنى ذلك قول الإمام الشافعي عليه الرحمة:

تمني رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تزود لأخرى مثلها فكأن قد

وقول ذي الأصبع العدواني:

إذا ما الدهر جر على أناس كلاكله أناخ بآخرينا
/ فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا

وذكر العلامة الطيبـي ونقله صاحب «الكشف» بأدنى زيادة أن هذا رجوع إلى ما سيق له السورة الكريمة من حيث النبوة ليتخلص منه إلى تقرير مشرع آخر، وذلك لأنه تعالى لما أفحم القائلين باتخاذ الولد والمتخذين له سبحانه شركاء وبكتهم ذكر ما يدل على إفحامهم وهو قوله تعالى: { أَفإِيْن } الخ لأن الخصم إذا لم يبق له متشبث تمنى هلاك خصمه.