خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
١١
-المؤمنون

روح المعاني

{ ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ } صفة كاشفة أو عطف بيان أو بدل، وأياً ما كان ففيه بيان لما يرثونه وتقييد للوراثة بعد إطلاقها تفخيماً لها وتأكيداً، والفردوس أعلا الجنان، أخرج عبد بن حميد والترمذي وقال: حسن صحيح غريب عن أنس رضي الله تعالى عنه "أن الربيع بنت النضر أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابنها الحرث بن سراقة أصيب يوم بدر أصابه سهم غرب فقالت: أخبرني عن حارثة فإن كان أصاب الجنة احتسبت وصبرت وإن كان لم يصب الجنة اجتهدت في الدعاء فقال النبـي صلى الله عليه وسلم: إنها جنان في جنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها" وعلى هذا لا إشكال في الحصر على ما أشرنا إليه أولاً فإن غير المتصف بما ذكر من الصفات وإن دخل الجنة لا يرث الفردوس التي هي أفضلها، وبتقدير إرثه إياها فهو ليس حقيقاً بأن يسمى وارثاً لما أن ذلك إنما يكون في الأغلب بعد كد ونصب، وإرثهم إياها من الكفار حيث فوتوها على أنفسهم لأنه تعالى خلق لكل منزلاً في الجنة ومنزلاً في النار. أخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وغيرهم عن أبـي هريرة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزلة فذلك قوله تعالى: { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْوٰرِثُونَ }" وقيل الإرث استعارة للاستحقاق وفي ذلك من المبالغة ما فيه لأن الإرث أقوى أسباب الملك، واختير الأول لأنه تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما صححه القرطبـي.

{ هُمْ فِيهَا } أي في الفردوس وهو على ما ذكره ابن الشحنة مما يؤنث ويذكر. وذكر بعضهم أن التأنيث باعتبار أنه اسم للجنة أو لطبقتها العليا، وقد تقدم لك تمام الكلام في الفردوس. { خَـٰلِدُونَ } لا يخرجون منها أبداً، والجملة إما مستأنفة مقررة لما قبلها وإما حال مقدرة من فاعل { يَرِثُونَ } أو مفعوله كما قال أبو البقاء إذ فيها ذكر كل منهما، ومعنى الكلام لا يموتون ولا يخرجون منها.