خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ
٣٥
-المؤمنون

روح المعاني

{ أَيَعِدُكُمْ } استئناف مسوق لتقرير ما قبله من زجرهم عن اتباعه عليه السلام بإنكار وقوع ما يدعوهم للإيمان به واستبعاده، وقوله تعالى: { أَنَّكُمْ } على تقدير حرف الجر أي بأنكم، ويجوز أن لا يقدر نحو وعدتك الخير { إِذَا مِتُّمْ } بكسر الميم من مات يمات، وقرىء بضمها من مات يموت { وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظـٰماً } أي وكان بعض أجزائكم من اللحم ونظائره تراباً وبعضها عظاماً نخرة مجردة عن اللحوم والأعصاب، وتقديم التراب لعراقته في الاستبعاد وانقلابه من الأجزاء البادية أو وكان متقدموكم تراباً صرفاً ومتأخروكم عظاماً، وقوله تعالى: { أَنَّكُمْ } تأكيد لأنكم الأول لطول الفصل بينه وبين خبره الذي هو قوله تعالى: { مُّخْرَجُونَ } و(إذا) ظرف متعلق به أي أيعدكم أنكم مخرجون من قبوركم أحياء كما كنتم أولاً إذا متم وكنتم تراباً. واختار هذا الإعراب الفراء والجرمي والمبرد، ولا يلزم من ذلك كون الإخراج وقت الموت كما لا يخفى خلافاً لما توهمه أبو نزار الملقب بملك النحاة. ورده السخاوي ونقله عنه الجلال السيوطي في «الأشباه» والمنقول عن سيبويه أن { أَنَّكُمْ } بدل من { أَنَّكُمْ } الأول وفيه معنى التأكيد وخبر (أن) الأولى محذوف لدلالة خبر الثانية عليه أي أيعدكم أنكم تبعثون إذا متم وهذا الخبر المحذوف هو العامل في (إذا)، ولا يجوز أن يكون / هو الخبر لأن ظرف الزمان لا يخبر به عن الجثة، وإذا أول بحذف المضاف أي إن إخراجكم إذا متم جاز، وكان المبرد يأبـى البدل لكونه من غير مستقبل إذ لم يذكر خبر (أن) الأولى.

وذهب الأخفش إلى أن { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } مقدر بمصدر مرفوع بفعل محذوف تقديره يحدث إخراجكم، فعلى هذا التقدير يجوز أن تكون الجملة الشرطية خبر { أنَّكُمْ } الأول ويكون جواب { إِذَا } ذلك الفعل المحذوف، ويجوز أن يكون ذلك الفعل هو خبر (أن) ويكون عاملاً في (إذا)، وبعضهم يحكي عن الأخفش أنه يجعل { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } فاعلاً بإذا كما يجعل الخروج في قولك: يوم الجمعة الخروج فاعلاً بيوم على معنى يستقر الخروج يوم الجمعة. وجوز بعضهم أن يكون { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } مبتدأ و { إِذَا مِتٌّمْ } خبراً على معنى إخراجكم إذا متم وتجعل الجملة خبر (أن) الأولى، قال في «البحر»: وهذا تخريج سهل لا تكلف فيه ونسبه السخاوي في «سفر السعادة» إلى المبرد، والذي يقتضيه جزالة النظم الكريم ما ذكرناه عن الفراء ومن معه. وفي قراءة عبد الله { أَيَعِدُكُمْ إِذَا مِتٌّمْ } بإسقاط { أَنَّكُمْ } الأولى.