خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ
١٩٧
-الشعراء

روح المعاني

{ أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ ءايَةً } الهمزة للتقرير أو للإنكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام كأنه قيل: اغفلوا عن ذلك ولم يكن لهم آية دالة على أنه تنزيل رب العالمين وإنه لفي زبر الأولين على أن { لَهُمْ } متعلق بالكون قدم على اسمه وخبره للاهتمام أو بمحذوف هو حال من { ءايَةً } قدمت عليها لكونها نكرة و { ءايَةً } خبر للكون قدم على اسمه الذي هو قوله تعالى: { أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } لما مر مراراً من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر، والعلم بمعنى المعرفة والضمير للقرآن أي ألم يكن لهم آية معرفة علماء بني إسرائيل القرآن بنعوته المذكورة في كتبهم، وعن قتادة أن الضمير للنبـي صلى الله عليه وسلم، وقيل: العلم على معناه المشهور والضمير للحكم السابق في قوله تعالى: { { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ * عَلَىٰ قَلْبِكَ } [الشعراء: 192ـ194] الخ وفيه بعد كما لا يخفى.

وذكر الثعلبـي عن ابن عباس أن أهل مكة بعثوا إلى أحبار يثرب يسألونهم عن النبـي فقالوا: هذا زمانه وذكروا نعته وخلطوا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية في ذلك، وهو ظاهر في أن الضمير له عليه الصلاة والسلام ويؤيده كون الآية مكية. وقال مقاتل: هي مدنية، وعلماء بني إسرائيل عبد الله بن سلام ونحوه كما روي عن ابن عباس ومجاهد، وذلك أن جماعة منهم أسلموا ونصوا على مواضع من التوراة والإنجيل / فيها ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل: علماؤهم من أسلم منهم ومن لم يسلم، وقيل: أنبياؤهم فإنهم نبهوا على ذلك وهو خلاف الظاهر، ولعل أظهر الأقوال كون المراد به معاصريه صلى الله عليه وسلم من علماء أهل الكتابين المسلمين وغيرهم.

وقرأ ابن عامر والجحدري { تَكُنْ } بالتأنيث و { ءايَةً } بالرفع وجعلت اسم (تكن) و { أَن يَعْلَمَهُ } خبرها. وضعف بأن فيه الإخبار عن النكرة بالمعرفة، ولا يدفعه كون النكرة ذات حال بناء على أحد الاحتمالين في { لَهُمْ }، وجوز أن يكون { ءايَةً } الاسم و { لَهُمْ } متعلقاً بمحذوف هو الخبر و { أَن يَعْلَمَهُ } بدلاً من الاسم أو خبر مبتدأ محذوف، وأن يكون الاسم ضمير القصة و { لَّهُمْ ءايَةً } مبتدأ وخبر والجملة خبر (تكن) و { أَنْ يَعْلَمْهُ } بدلاً أو خبر مبتدأ محذوف. وأن يكون الاسم ضمير القصة و { ءايَةً } خبر { أَن يَعْلَمَهُ } والجملة خبر (تكن) وأن تكون (تكن) تامة و { ءايَةً } فاعلاً و { أَن يَعْلَمَهُ } بدلاً أو خبراً لمحذوف و { لَهُمْ } إما حالاً أو متعلقاً بتكن. وقرأ ابن عباس { تَكُنْ } بالتأنيث و { ءايَةً } بالنصب كقراءة من قرأ { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ } بالتأنيث { فتنتهم } بالنصب { { إِلاَّ أَن قَالُواْ } [الأنعام: 23] وكقول لبيد يصف العير والأتان:

فمضى وقدَّمها وكانت عادة منه إذا هي عرَّدت أقدامُها

وذلك إما على تأنيث الاسم لتأنيث الخبر، وإما لتأويل { أَن يَعْلَمَهُ } بالمعرفة وتأويل (أن قالوا) بالمقالة وتأويل الإقدام بالمتقدمة، ودعوى اكتساب التأنيث فيه من المضاف إليه ليس بشيء لفظ شرطه المشهور. وقرأ الجحدري (تعلمه) بالتأنيث على أن المراد جماعة علماء بني إسرائيل وكتب في المصحف { علمؤا } بواو بين الميم والألف. ووجه ذلك بأنه على لغة من يميل ألف علماء إلى الواو كما كتبوا الصلوة والزكوة والربوا بالواو على تلك اللغة.