خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ
٢٠٩
-الشعراء

روح المعاني

وقوله تعالى: { ذِكْرِى } منصوب على الحال من الضمير في { مُنذِرُونَ } [الشعراء: 208]عند الكسائي وعلى المصدر عند الزجاج فعلى الحال إما أن يقدر ذوي ذكرى أو يقدر مذكرين أو يبقى على ظاهره اعتباراً للمبالغة. وعلى المصدر فالعامل { مُنذِرُونَ } لأنه في معنى مذكرون فكأنه قيل: مذكرون ذكرى أي تذكرة. وأجاز الزمخشري ((أن يكون مفعولاً له على معنى أنهم ينذرون لأجل الموعظة والتذكرة وأن يكون مرفوعاً على أنه خبر مبتدأ محذوف بمعنى هذه ذكرى، والجملة اعتراضية أو صفة بمعنى منذرون ذوو ذكرى أو مذكرين أو جعلوا نفس الذكرى مبالغة لإمعانهم في التذكرة وإطنابهم فيها، وجوز أيضاً أن يكون متعلقاً بأهلكنا على أنه مفعول له والمعنى ما أهلكنا من قرية ظالمين إلا بعد ما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم ليكون إهلاكهم تذكرة وعبرة لغيرهم فلا يعصوا مثل عصيانهم ثم قال: وهذا هو الوجه المعول عليه)). وبين ذلك في «الكشف» بقوله: لأنه وعيد للمستهزئين وبأنهم يستحقون أن يجعلوا نكالاً وعبرة لغيرهم كالأمم السوالف حيث فعلوا مثل فعلهم من الاستهزاء والتكذيب فجوزوا بما جوزوا وحينئذٍ يتلائم الكلام انتهى.

وتعقب بأن مذهب الجمهور أن ما قبل إلا لا يعمل فيما بعدها إلا أن يكون مستثنى أو مستثنى منه أو تابعاً له غير معتمد على الأداة والمفعول له ليس واحداً من هذه الثلاثة فلا يجوز أن يتعلق بأهلكنا. ويتخرج جواز ذلك على مذهب الكسائي والأخفش وإن كانا لم ينصبا على المفعول له هنا وكان ذلك لما في نصبه عليه من التكلف وأمر الالتئام سهل كما لا يخفى.

{ وَمَا كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } أي ليس شأننا أن يصدر عنا بمقتضى الحكمة ما هو في صورة الظلم لو صدر من غيرنا بأن نهلك أحداً قبل إنذاره أو بأن نعاقب من لم يظلم. ولإرادة نفي أن يكون ذلك من شأنه عز شأنه قال: { وَمَا كُنَّا } دون وما نظلم.