خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
١٣
-لقمان

روح المعاني

{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ } تاران على ما قال الطبري. والقتيبـي؛ وقيل: ماثان بالمثلثة، وقيل: أنعم، وقيل: أشكم وهما بوزن أفعل، وقيل: مشكم بالميم بدل الهمزة، و { إِذْ } معمول لاذكر محذوفاً، وقيل: يحتمل أن يكون ظرفاً لآتينا والتقدير وآتيناه الحكمة إذ قال واختصر لدلالة المقدم عليه، وقوله تعالى: { وَهُوَ يَعِظُهُ } جملة حالية، والوعظ ـ كما قال الراغب ـ زجر مقترن بتخويف، وقال الخليل: هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب { يَٰبُنَيَّ } تصغير إشفاق ومحبة لا تصغير تحقير:

ولكن إذا ماحب شيء تولعت به أحرف التصغير من شدة الوجد

وقال آخر:

ما قلت حبيبـي من التحقير بل يعذب اسم الشيء بالتصغير

وقرأ البزي هنا { يا بَنِى } بالسكون وفيما بعد { يا بني إنَّهَا } [لقمان: 16] بكسر الياء و { يا بني أَقِمِ } [لقمان: 17] بفتحها، وقنبل بالسكون في الأولى والثالثة والكسر في الوسطى، وحفص والمفضل عن عاصم بالفتح في الثلاثة على تقدير يا بنيا والاجتزاء بالفتحة عن الألف، وقرأ باقي السبعة بالكسر فيها { لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ } قيل: كان ابنه كافراً ولذا نهاه عن الشرك فلم يزل يعظه حتى أسلم، وكذا قيل في امرأته. وأخرج ابن أبـي الدنيا في «نعت الخائفين» عن الفضل الرقاشي قال: ما زال لقمان يعظ ابنه حتى مات. وأخرج عن حفص بن عمر الكندي قال: وضع لقمان جراباً من خردل وجعل يعظ ابنه موعظة ويخرج خردلة فنفد الخردل فقال: يا بني لقد وعظتك موعظة لو وعظتها جبلاً لتفطر فتفطر ابنه، وقيل: كان مسلماً والنهي عن الشرك تحذير له عن صدوره منه في المستقبل، والظاهر أن الباء متعلق بما عنده، ومن وقف على { لاَ تُشْرِكْ } جعل الباء للقسم أي أقسم بالله تعالى.

{ إِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } والظاهر أن هذا من كلام لقمان ويقتضيه كلام مسلم في «صحيحه»، والكلام تعليل للنهي أو الانتهاء عن الشرك، وقيل: هو خير من الله تعالى شأنه منقطع عن كلام لقمان متصل به في تأكيد المعنى، وكون الشرك ظلماً لما فيه من وضع الشيء في غير موضعه وكونه عظيماً لما فيه من التسوية بين من لا نعمة إلا منه سبحانه ومن لا نعمة له.