خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ
٢٩
-السجدة

روح المعاني

{ قُلْ } تبكيتاً لهم وتحقيقاً للحق { يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِيَمَـٰنُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }. أخرج الفريابـي وابن أبـي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبـي حاتم عن مجاهد قال: يوم الفتح يوم القيامة، وهو كما في «البحر» منصوب بلا ينفع، والمراد بالذين كفروا إما أولئك القائلون المستهزئون فالإظهار في مقام الإضمار لتسجيل كفرهم وبيان علة الحكم، وإما ما يعمهم وغيرهم وحينئذ يعلم حكم أولئك المستهزئين بطريق برهاني، والمراد من قوله تعالى: { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } استمرار النفي، والظاهر أن الجملة عطف على { لاَّ ينفَعُ } الخ والقيد معتبر فيها، وظاهر سؤالهم بقولهم { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ } [السجدة: 28] يقتضي الجواب بتعيين اليوم المسؤول عنه إلا أنه لما كان غرضهم في السؤال عن وقت الفتح استعجالاً منهم على وجه التكذيب والاستهزاء أجيبوا على حسب ما عرف من غرضهم فكأنه قيل لهم: لا تستعجلوا به ولا تستهزؤوا فكأني بكم وقد حصلتم في ذلك اليوم وآمنتم فلم ينفعكم الإيمان واستنظرتم في إدراك العذاب فلم تنظروا، وهذا قريب من الأسلوب الحكيم.

/ هذا وتفسير { يَوْمَ ٱلْفَتْحِ } بيوم القيامة ظاهر على القول بأن المراد بالفتح الفصل للخصومة فقد قال سبحانه: { { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقَيَـٰمَةِ } [السجدة: 25] ولا يكاد يتسنى على القول بأن المراد به النصر على أولئك القائلين إذا كانوا عانين به النصر والغلبة عليهم في الدنيا كما هو ظاهر مما سمعت عن مجاهد، وعليه قيل: المراد بيوم الفتح يوم بدر، وأخرج ذلك الحاكم وصححه والبيهقي في «الدلائل» عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقيل: يوم فتح مكة، وحكى ذلك عن الحسن ومجاهد، واستشكل كلا القولين بأن قوله تعالى: { يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِيَمَـٰنُهُمْ } ظاهر في عدم قبول الإيمان من الكافر يومئذ مع أنه آمن ناس يوم بدر فقبل منهم وكذا يوم فتح مكة. وأجيب بأن الموصول على كل منهما عبارة عن المقتولين في ذلك اليوم على الكفر، فمعنى لا ينفعهم إيمانهم أنهم لا إيمان لهم حتى ينفعهم فهو على حد قوله:

على لا حب لا يهتدي بمناره

سواء أريد بهم قوم مخصوصون استهزؤوا أم لا وسواء عطف قوله تعالى: { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } على المقيد أو على المجموع فتأمل. وتعقب بأن ذلك خلاف الظاهر، وأيضاً كون يوم الفتح يوم بدر بعيد عن كون السورة مكية وكذا كونه يوم فتح مكة، ويبعد هذا أيضاً قلة المقتولين في ذلك اليوم جداً تدبر.