خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً
٥٧
-الأحزاب

روح المعاني

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } أريد بالإيذاء إما ارتكاب ما لا يرضيانه من الكفر وكبائر المعاصي مجازاً لأنه سبب أو لازم له وإن كان ذلك بالنظر إليه تعالى بالنسبة إلى غيره سبحانه فإنه كاف في العلاقة، وقيل في إيذائه تعالى: هو قول اليهود والنصارى والمشركين يد الله مغلولة والمسيح ابن الله والملائكة بنات الله والأصنام شركاؤه تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وقيل قول الذين يلحدون في آياته سبحانه، وقيل تصوير التصاوير وروي عن كعب ما يقتضيه، وقيل في إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم هو قولهم: شاعر ساحر كاهن مجنون وحاشاه عليه الصلاة والسلام، وقيل هو كسر رباعيته وشج وجهه الشريف وكان ذلك في غزوة أحد، وقيل طعنهم في نكاح صفية بنت حيـي؛ والحق هو العموم فيهما، وإما إيذاؤه عليه الصلاة والسلام خاصة بطريق الحقيقة وذكر الله عز وجل لتعظيمه صلى الله عليه وسلم ببيان قربه وكونه حبيبه المختص به حتى كان ما يؤذيه يؤذيه سبحانه كما أن من يطيعه يطيع الله تعالى. وجوز أن يكون الإيذاء على حقيقته والكلام على حذف مضاف أي يؤذون أولياء الله ورسوله وليس بشيء، وقيل يجوز أن يراد منه المعنى المجازي بالنسبة إليه تعالى والمعنى الحقيقي بالنسبة إلى رسوله عليه الصلاة والسلام وتعدد المعمول بمنزلة تكرر لفظ العامل فيخف أمر الجمع بين المعنيين حتى ادعى بعضهم أنه ليس من الجمع الممنوع وليس بشيء.

{ لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ } طردهم وأبعدهم من رحمته { فِى ٱلدُّنُيَا وَٱلأَخِرَةِ } بحيث لا يكادون ينالون فيها شيئاً منها، وذلك في الآخرة ظاهر، وأما في الدنيا فقيل بمنعهم زيادة الهدى { وَأَعَدَّ لَهُمْ } مع ذلك { عَذَاباً مُّهِيناً } يصيبهم في الآخرة خاصة.