خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ
٥٠
-سبأ

روح المعاني

{ قُلْ إِن ضَلَلْتُ } عن الحق { فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِى } أي عائداً ضرر ذلك ووباله عليها فإنها الكاسبة للشرور والأمارة بالسوء { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ } إلى الحق { فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبّى } فإن الاهتداء بهدايته تعالى وتوفيقه عز وجل، و(ما) موصولة أو مصدرية، وكان الظاهر وإن اهتديت فلها كقوله تعالى: { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا } [فصلت: 46] أو إن ضللت فإنما أضل بنفسي ليظهر التقابل لكنه عدل عن ذلك اكتفاء بالتقابل بحسب المعنى لأن الكلام عليه أجمع فإن كل ضرر فهو من النفس وبسببها وعليها وباله، وقد دل لفظ على في القرينة الأولى على معنى اللام في الثانية والباء في الثانية على معنى السببية في الأولى فكأنه قيل: قل إن ضللت فإنما أضل بسبب نفسي على نفسي وإن اهتديت فإنما أهتدى لنفسي بهداية الله تعالى وتوفيقه سبحانه، وعبر عن هذا { بِمَا يُوحِىَ إِلَىَّ رَبّى } لأنه لازمه، وجعل على للتعليل وإن ظهر عليه التقابل ارتكاب لخلاف الظاهر من غير نكتة. وجوز أن يكون معنى القرينة الأولى قل إن ضللت فإنما أضل علي لا على غيري، ولا يظهر عليه أمر التقابل مطلقاً، والحكم على ما قال الزمخشري عام وإنما أمر صلى الله عليه وسلم أن يسنده إلى نفسه لأن الرسول إذا دخل / تحته مع جلالة محله وسداد طريقته كان غيره أولى به، وقال الإمام: أي إن ضلال نفسي كضلالكم لأنه صادر من نفسي ووباله عليها وأما اهتدائي فليس كاهتدائكم بالنظر والاستدلال وإنما هو بالوحي المنير فيكون مجموع الحكمين عنده مختصاً به عليه الصلاة والسلام، وفيما ذكره دلالة على ما قال الطيبـي على أن دليل النقل أعلى وأفخم من دليل العقل وفيه بحث.

وقرأ الحسن وابن وثاب وعبد الرحمن المقري { ضللت } بكسر اللام و { أضل } بفتح الضاد وهي لغة تميم، وكسر عبد الرحمن همزة { أضل } وقرىء { ربى } بفتح الياء.

{ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ } فلا يخفى عليه سبحانه قول كل من المهتدي والضال وفعله وإن بالغ في إخفائهما فيجازي كلاً بما يليق.