خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً وَلاَ يَرْجِعُونَ
٦٧
-يس

روح المعاني

{ وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَـٰهُمْ } أي لحولنا صورهم إلى صور أخرى قبيحة. عن ابن عباس أي لمسخناهم قردة وخنازير، وقيل: لمسخناهم حجارة وروي ذلك عن أبـي صالح، ويعلم من هذا الخلاف أن في مسخ الحيوان المخصوص لا يشترط بقاء الصورة الحيوانية، وسمي بعضهم قلب الحيوان جماداً رسخاً وقلبه نباتاً فسخاً وخص المسخ بقلبه حيواناً آخر، ومفعول المشيئة على قياس السابق أي ولو نشاء مسخهم على مكانتهم لمسخناهم { عَلَىٰ مَكَــٰنَتِهِمْ } أي مكانهم كالمقامة والمقام. وأخرج ابن جرير وابن أبـي حاتم عن ابن عباس أنه قال في معنى الآية لو نشاء لأهلكناهم في مساكنهم. وقال الحسن وقتادة وجماعة المعنى لو نشاء لأقعدناهم وأزمناهم وجعلناهم كسحاً لا يقومون. وقرأ الحسن وأبو بكر { مكاناتهم } بالجمع لتعددهم.

{ فَمَا ٱسْتَطَـٰعُواْ } لذلك { مُضِيّاً } أي ذهاباً إلى مقاصدهم { وَلاَ يَرْجِعُونَ }/ قيل هو عطف على { مُضِيّاً } المفعول به لاستطاعوا وهو من باب ـ تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ـ فيكون التقدير فما استطاعوا مضياً ولا رجوعاً وإلا فمفعول استطاعوا لا يكون جملة، والتعبير بذلك دون الاسم الصريح قيل للفواصل مع الإيماء إلى مغايرة الرجوع للمضي بناءً على ما قال الإمام من أنه أهون من المضي لأنه ينبـىء عن سلوك الطريق من قبل والمضي لا ينبئ عنه، وقيل لذلك مع الإيماء إلى استمرار النفي نظراً إلى ظاهر اللفظ ويكون هناك ترق من جهتين إذا لوحظ ما أومأ إليه الإمام، وقيل له مع الإيماء إلى أن الرجوع المنفي ما كان عن إرادة واختيار فإن اعتبارهما في الفعل المسند إلى الفاعل أقرب إلى التبادر من اعتبارهما في المصدر. واقتصر بعضهم في النكتة على رعاية الفواصل، والإمام بعد الاقتصار على رعاية الفواصل في بيان نكتة العدول عن الظاهر تقصيراً؛ وقيل هو عطف على جملة { ما استطاعوا }، والمراد ولا يرجعون عن تكذيبهم لما أنه قد طبع على قلوبهم، وقيل هو عطف على ما ذكر إلا أن المعنى ولا يرجعون إلى ما كانوا عليه قبل المسخ وليس بالبعيد. وعلى القولين المراد بالمضي الذهاب عن المكان ونفي استطاعته مغن عن نفي استطاعة الرجوع. وأياً ما كان فالظاهر أن هذا وكذا ما قبله لو كان لكان في الدنيا، وقال ابن سلام: هذا التوعد كله يوم القيامة وهو خلاف الظاهر ولا يكاد يصح على بعض الأقوال. وأصل { مُضِيّاً } مضوي اجتمعت الواو ساكنة مع الياء فقلبت ياء كما هو القاعدة وأدغمت الياء في الياء وقلبت ضمة الضاد كسرة لتخف وتناسب الياء.

وقرأ أبو حيوة وأحمد بن جبير الأنطاكي عن الكسائي { مضياً } بكسر الميم إتباعاً لحركة الضاد كالعتي بضم العين والعتي بكسرها. وقرىء { مضياً } بفتح الميم فيكون من المصادر التي جاءت على فعيل كالرسيم والوجيف والصئي بفتح الصاد المهملة بعدها همزة مكسورة ثم ياء مشددة مصدر صأى الديك أو الفرخ إذا صاح.