خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ
٦
-الصافات

روح المعاني

{ إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَاء ٱلدُّنْيَا } أي أقرب السمٰوات من أهل الأرض فالدنيا هنا مؤنث أدنى بمعنى أقرب أفعل تفضيل { بِزِينَةٍ } عجبية بديعة { ٱلْكَوٰكِبِ } بالجر بدل من { زِينَةُ } بدل كل على أن المراد بها الاسم أي ما يزان به لا المصدر فإن الكواكب بأنفسها وأوضاع بعضها من بعض زينة وأي زينة:

فكأن أجرام النجوم لوامعا درر نثرن على بساط أزرق

وجوز أن تكون عطف بيان. وقرأ الأكثرون { بزينة الكواكب } بالإضافة على أنها بيانية لما أن الزينة مبهمة صادقة على كل ما يزان به فتقع الكواكب بياناً لها، ويجوز أن تكون لامية على أن الزينة للكواكب أضواؤها أو أوضاعها، وتفسيرها بالأضواء منقول عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وجوز أن تكون الزينة مصدراً كالنسبة وإضافتها من إضافة المصدر إلى مفعوله أي زينا السماء الدنيا بتزييننا الكواكب فيها أو من إضافة المصدر إلى فاعله أي زيناها بأن زينتها الكواكب.

وقرأ ابن وثاب ومسروق بخلاف عنهما والأعمش وطلحة وأبو بكر { بزينة } منوناً { الكواكب } نصباً فاحتمل أن يكون زينة مصدراً والكواكب مفعول به كقوله تعالى: { أَوْ إِطَعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً } [البلد: 14ـ15] وليس هذا من المصدر المحدود كالضربة حتى يقال لا يصح إعماله كما نص عليه ابن مالك لأنه وضع مع التاء كالكتابة والإصابة وليس كل تاء في المصدر للوحدة، وأيضاً ليست هذه الصيغة صيغة الوحدة، واحتمل أن يكون { ٱلْكَوٰكِبِ } بدلاً من { ٱلسَّمَاء } بدل اشتمال واشتراط الضمير معه للمبدل منه إذا لم يظهر اتصال أحدهما بالآخر كما قرروه في قوله تعالى: { قُتِلَ أَصْحَـٰبُ ٱلأُخْدُودِ * ٱلنَّارِ } [البروج: 4ـ5].

وقيل: اللام بدل منه، وجوز كونه بدلاً من محل الجار والمجرور أو المجرور وحده على القولين، وكونه منصوباً بتقدير أعني. وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما { بزينة } منوناً { الكواكب } رفعاً على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي الكواكب أو فاعل المصدر ورفعه الفاعل قد أجازه البصريون على قلة، وزعم الفراء أنه ليس بمسموع.

وظاهر الآية أن الكواكب في السماء الدنيا ولا مانع من ذلك وإن اختلفت حركاتها وتفاوتت سرعة وبطأً لجواز أن تكون في أفلاكها وأفلاكها في السماء الدنيا وهي ساكنة ولها من الثخن ما يمكن معه نضد تلك الأفلاك المتحركة بالحركات المتفاوتة وارتفاع بعضها فوق بعض. وحكى النيسابوري في تفسير سورة التكوير عن الكلبـي أن الكواكب في قناديل معلقة بين السماء والأرض بسلاسل من نور وتلك السلاسل بأيدي الملائكة عليهم السلام، وهو مما يكذبه الظاهر ولا أراه إلا حديث خرافة. وأما ما ذهب إليه جل الفلاسفة من أن القمر وحده في السماء الدنيا وعطارد في السماء الثانية والزهرة في الثالثة والشمس في الرابعة والمريخ في الخامسة والمشتري في السادسة وزحل في السابعة والثوابت في فلك فوق السابعة هو الكرسي بلسان الشرع فمما لا يقوم عليه برهان يفيد اليقين، وعلى فرض صحته لا يقدح في الآية لأنه يكفي لصحة كون السماء الدنيا مزينة بالكواكب كونها كذلك في رأي العين.