خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ
٢٤
-الزمر

روح المعاني

{ أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوء ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } استئناف جار مجرى التعليل لما قبله من تباين حال المهتدي والضال. والكلام في الهمزة والفاء والخبر كالذي مر في نظائره، ويقال هنا على أحد القولين: التقدير أكل الناس سواء فمن شأنه أن يتقي بوجهه الذي هو أشرف أعضائه يوم القيامة العذاب السيء الشديد لكون يده التي بها كان يتقي المكاره مغلولة إلى عنقه كمن هو آمن لا يعتريه مكروه ولا يحتاج إلى الاتقاء بوجه من الوجوه فالوجه على حقيقته وقد يحمل على ذلك من غير حاجة إلى حديث كون اليد مغلولة تصويراً لكمال اتقائه وجده فيه وهو أبلغ، وفي هذا المضمار يجري قول الشاعر:

/ يلقى السيوف بوجهه وبنحره ويقيم هامته مقام المغفر

وجوز أن يكون الوجه بمعنى الجملة والمبالغة عليه دون المبالغة فيما قبله. وقيل: الاتقاء بالوجه كناية عن عدم ما يتقي به إذ الاتقاء بالوجه لا وجه له لأنه مما لا يتقى به، ولا يخلو عن خدش. وإضافة سوء إلى العذاب من إضافة الصفة إلى الموصوف و { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } معمول { يَتَّقِي } كما أشرنا إلى ذلك. وجوز أن يكون من تتمة سوء العذاب، والمعنى أفمن يتقي عذاب يوم القيامة كالمصر على كفره، وهو وجه حسن والوجه حينئذ كما في الوجه السابق إما الجملة مبالغة في تقواه وإما على الحقيقة تصويراً لكمال تقواه وجده فيها وهو أبلغ. والمتبادر إلى الذهن المعنى السابق. والآية قيل نزلت في أبـي جهل.

{ وَقِيلَ لِلظَّـلِمِينَ } عطف على { يَتَّقِي } أي ويقال لهم من جهة خزنة النار. وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق والتقرر. وقيل الواو للحال والجملة حال من ضمير { يَتَّقِى } بإضمار قد أو بدونه. ووضع المظهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالظلم والإشعار بعلة الأمر في قوله تعالى: { ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } أي وبال ما كنتم تكسبون في الدنيا على الدوام من الكفر والمعاصي.