خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً
١٠٨
-النساء

روح المعاني

{ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ } أي يستترون منهم حياءاً وخوفاً من ضررهم، وأصل ذلك طلب الخفاء وضمير الجمع عائد على { { ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ } [النساء: 107] على الأظهر، والجملة مستأنفة لا موضع لها من الإعراب. وقيل: هي في موضع الحال من { مِنْ } { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ } أي ولا يستحيون منه سبحانه وهو أحق بأن يستحى منه ويخاف من عقابه، وإنما فسر الاستخفاء منه تعالى بالاستحياء لأن الاستتار منه عز شأنه محال فلا فائدة في نفيه ولا معنى للذم في عدمه، وذكر بعض المحققين أن التعبير بذلك من باب المشكالة { وَهُوَ مَعَهُمْ } على الوجه اللائق بذاته سبحانه، وقيل: المراد أنه تعالى عالم بهم وبأحوالهم فلا طريق إلى الاستخفاء منه تعالى سوى ترك ما يؤاخذ عليه؛ والجملة في موضع الحال من ضمير يستخفون.

{ إِذْ يُبَيّتُونَ } أي يدبرون ولما كان أكثر التدبير مما يبيت عبر به عنه والظرف متعلق بما تعلق به قبله، وقيل: متعلق بـ { يَسْتَخْفُونَ }. { مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } من رمي البريء وشهادة الزور. قال النيسابوري: وتسمية التدبير وهو معنى في النفس قولاً لا إشكال فيها عند القائلين بالكلام النفسي؛ وأما عند غيرهم فمجاز، أو لعلهم اجتمعوا في الليل ورتبوا كيفية المكر فسمى الله تعالى كلامهم ذلك بالقول المبيت الذي لا يرضاه سبحانه، وقد تقدم لك في المقدمات ما ينفعك هٰهنا فتذكر { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ } أي بعملهم أو بالذي يعملونه من الأعمال الظاهرة والخافية { مُحِيطاً } أي حفيظاً ـ كما قال الحسن ـ أو عالماً لا يعزب عنه شيء ولا يفوت ـ كما قال غيره ـ وعلى القولين الإحاطة هنا مجاز ونظمها البعض في سلك المتشابه.