خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً
١٢٤
-النساء

روح المعاني

{ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ } الأعمال { ٱلصَّٰلِحَـٰت } أي بعضها أو شيئاً منها لأن أحداً لا يمكنه عمل كل الصالحات وكم من مكلف لا حج عليه ولا زكاة ولا جهاد، فمن تبعيضية، وقيل: هي زائدة. واختاره الطبرسي وهو ضعيف، وتخصيص الصالحات بالفرائض كما روي عن ابن عباس خلاف الظاهر، وقوله سبحانه: { مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ } في موضع الحال من ضمير { يَعْمَلُ } و { مِنْ } بيانية. وجوز أن يكون حالاً من{ ٱلصَّٰلِحَـٰت } و { مِنْ } ابتدائية أي: كائنة من ذكر الخ، واعترض بأنه ليس بسديد من جهة المعنى، ومع هذا الأظهر تقدير كائناً لا كائنة لأنه حال من شيئاً منها وكون المعنى ـ الصالحات الصادرة من الذكر والأنثى ـ لا يجدي نفعاً لما في ذلك من الركاكة ولعل تبيين العامل بالذكر والأنثى لتوبيخ المشركين في إهلاكهم إناثهم، وجعلهن محرومات من الميراث، وقوله تعالى: { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } حال أيضاً، وفي اشتراط اقتران العمل بها في استدعاء الثواب الذي تضمنه ما يأتي تنبيه على أنه لا اعتداد به دونه، وفيه دفع توهم أن العمل الصالح ينفع الكافر حيث قرن بذكر العمل السوء المضر للمؤمن والكافر، والتذكير لتغليب الذكر على الأنثى كما قيل، وقد مر لك قريباً ما ينفعك فتذكر.

{ فَأُوْلَٰـئِكَ } إشارة إلى من بعنوان اتصافه بالعمل الصالح والإيمان، والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد السابق باعتبار لفظها، وما فيه من معنى البعد لما مر غير مرة. { يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } جزاء عملهم، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر { يَدْخُلُونَ } مبنياً للمفعول من الإدخال / { وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً } أي لا ينقصون شيئاً حقيراً من ثواب أعمالهم، فإن النقير علم في القلة والحقارة، وأصله نقرة في ظهر النواة منها تنبت النخلة، ويعلم من نفي تنقيص ثواب المطيع نفي زيادة عقاب العاصي من باب الأولى لأن الأذى في زيادة العقاب أشد منه في تنقيص الثواب، فإذا لم يرض بالأول ـ وهو أرحم الراحمين ـ فكيف يرضى بالثاني ـ وهو السر في تخصيص عدم تنقيص الثواب بالذكر دون ذكر عدم زيادة العقاب ـ مع أن المقام مقام ترغيب في العمل الصالح فلا يناسبه إلا هذا، والجملة تذييل لما قبلها أو عطف عليه.