خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً
١٣١
-النساء

روح المعاني

{ وَللَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } فلا يتعذر عليه الإغناء بعد الفرقة، ولا الإيناس بعد الوحشة ـ ولا ولا ـ وفيه من التنبيه على كمال سعته وعظم قدرته ما لا يخفى، والجملة مستأنفة جيء بها ـ على ما قيل ـ لذلك { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ } أي أمرناهم بأبلغ وجه، والمراد بهم اليهود والنصارى ومن / قبلهم من الأمم، والكتاب عام للكتب الإلهية، ولا ضرورة تدعو إلى تخصيص الموصول باليهود والكتاب بالتوراة، بل قد يدعى أن التعميم أولى بالغرض المسوق له الكلام وهو تأكيد الأمر بالإخلاص، و { مِنْ } متعلقة ـ بوصينا ـ أو ـ بأوتوا ـ { وَإِيَّـاكُمْ } عطف على الموصول وحكم الضمير المعطوف أن يكون منفصلاً ولم يقدم ليتصل لمراعاة الترتيب الوجودي { أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي وصينا كلاً منهم ومنكم بأن اتقوا الله تعالى على أن { أَنْ } مصدرية بتقدير الجار ومحلها نصب أو جر على المذهبين، ووصلها بالأمر ـ كالنهي وشبهه ـ جائز كما نص عليه سيبويه، ويجوز أن تكون مفسرة للوصية لأن فيها معنى القول.

وقوله تعالى: { وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } عطف على { وَصَّيْنَا } بتقدير قلنا ـ أي وصينا وقلنا لكم ولهم إن تكفروا فاعلموا أنه سبحانه مالك الملك والملكوت لا يضره كفركم ومعاصيكم، كما أنه لا ينفعه شكركم وتقواكم وإنما وصاكم وإياهم لرحمته لا لحاجته ـ وفي الكلام تغليب للمخاطبين على الغائبين، ويشعر ظاهر كلام البعض أن العطف على { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } وتعقب بأن الشرطية لا تقع بعد أن المصدرية، أو المفسرة فلا يصح عطفها على الواقع بعدها سواء كان إنشاءاً أم إخباراً، والفعل { وَصَّيْنَا } أو أمرنا أو غيره، وقيل: إن العطف المذكور من باب:

علفتها تبناً وماءاً بارداً

وجوز أبو حيان أن تكون جملة مستأنفة خوطب بها هذه الأمة وحدها، أو مع الذين أوتوا الكتاب { وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً } بالغنى الذاتي عن الخلق وعبادتهم { حَمِيداً } أي محموداً في ذاته حمدوه أم لم يحمدوه، والجملة تذييل مقرر لما قبله، وقيل: إن قوله سبحانه: { وَللَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } الخ تهديد على الكفر أي أنه تعالى قادر على عقوبتكم بما يشاء، ولا منجى عن عقوبته فإن جميع ما في السموات والأرض له، وقوله عز وجل: { وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً } للإشارة إلى أنه جل وعلا لا يتضرر بكفرهم.