خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً
٨١
-النساء

روح المعاني

{ وَيَقُولُونَ } الضمير للمنافقين كما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والحسن والسدي، وقيل: للمسلمين الذين حكى عنهم أنهم يخشون الناس كخشية الله أي ويقولون إذا أمرتهم بشيء { طَاعَةٌ } أي أمرنا وشأننا طاعة على أنه خبر مبتدأ محذوف وجوباً، وتقدير طاعتك طاعة خلاف الظاهر أو عندنا أو منا طاعة على أنه مبتدأ وخبره محذوف وكان أصله النصب كما يقول المحب: سمعناً وطاعة لكنه يجوز في مثله الرفع ـ كما صرح به سيبويه ـ للدلالة على أنه ثابت لهم قبل الجواب { فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ } أي خرجوا من مجلسك وفارقوك { بَيَّتَ طَائِفَةٌ } أي جماعة { مِنْهُمْ } وهم رؤساؤهم، والتبييت إما من البيتوتة لأنه تدبير الفعل / ليلاً والعزم عليه، ومنه تبييت نية الصيام ويقال: هذا أمر تبيت بليل، وإما من بيت الشعر لأن الشاعر يدبره ويسويه، وإما من البيت المبني لأنه يسوى ويدبر، وفي هذا بعد ـ وإن أثبته الراغب لغة ـ والمراد زورت وسوت { غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ } أي خلاف ما قلت لها أو ما قالت لك من القبول وضمان الطاعة، والعدول عن الماضي لقصد الاستمرار، وإسناد الفعل إلى طائفة منهم لبيان أنهم المتصدون له بالذات؛ والباقون أتباع لهم في ذلك لا لأنهم ثابتون على الطاعة، وتذكيره أولاً لأن تأنيث الفاعل غير حقيقي، وقرأ أبو عمرو وحمزة (بيت طائفة) بالادغام لقربهما في المخرج، وذكر بعض المحققين أن الإدغام هنا على خلاف الأصل والقياس، ولم تدغم تاء متحركة غير هذه { وَٱللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ } أي يثبته في صحائفهم ليجازيهم عليه، أو فيما يوحيه إليك فيطلعك على أسرارهم ويفضحهم ـ كما قال الزجاج ـ والقصد على الأول: لتهديدهم، وعلى الثاني: لتحذيرهم { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } أي تجاف عنهم ولا تتصد للانتقام منهم، أو قلل المبالاة بهم والفاء لسببية ما قبلها لما بعدها { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } أي فوض أمرك إليه وثق به في جميع أمورك لا سيما في شأنهم، وإظهار الاسم الجليل للإشعار بعلة الحكم { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } قائماً بما فوض إليه من التدبير فيكفيك (مضرتهم) وينتقم لك منهم، والإظهار لما سبق للإيذان باستقلال الجملة واستغنائها عما عداها من كل وجه.