خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ
٣٤
-غافر

روح المعاني

{ وَلَقَدْ جَاءكُـمْ يُوسُفُ } بن يعقوب عليهما السلام { مِن قَبْلُ } أي من قبل موسى { بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } الأمور الظاهرة الدالة على صدقه { فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكّ مّمَّا جَاءكُـمْ بِهِ } من الدين { حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ } بالموت { قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } غاية لقوله: { فَمَا زِلْتُمْ } وأرادوا بقولهم: { لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } تكذيب رسالته ورسالة غيره أي لا رسول فيبعث فهم بعد الشك بتوا بهذا التكذيب ويكون ذلك ترقياً. ويجوز أن يكون الشك في رسالته على حاله وبتهم إنما هو بتكذيب رسالة غيره من بعده، وقيل: يحتمل أن يكونوا أظهروا الشك في حياته حسداً وعناداً علما مات عليه السلام أقروا بها وأنكروا أن يبعث / الله تعالى من بعده رسولاً وهو خلاف الظاهر، ومجىء يوسف بن يعقوب عليهما السلام المخاطبين بالبينات قيل: من باب نسبة أحوال الآباء إلى الأولاد وكذلك نسبة الأفعال الباقية إليهم، وجوز كون بعض الذين جاءهم يوسف عليه السلام حقيقة حياً؛ ففي بعض التواريخ أن وفاة يوسف عليه السلام قبل مولد موسى عليه السلام بأربع وستين سنة فيكون من نسبة حال البعض إلى الكل، واستظهر في «البحر» أن فرعون يوسف عليه السلام هو فرعون موسى عليه السلام، وذكر عن أشهب عن مالك أنه بلغه أنه عمر اربعمائة وأربعين سنة. والذي ذكره أغلب المؤرخين أن فرعون موسى اسمه الريان وفرعون يوسف اسمه الوليد. وذكر القرطبـي أن فرعون الأول من العمالقة وهذا قبطي، وفرعون يوسف عليه السلام مات في زمنه، واختار القول بتغايرهما، وأمر المجيء وما معه من الأفعال على ما سمعت.

وقيل: المراد بيوسف المذكور هو يوسف بن إبراهيم بن يوسف الصديق أرسله الله تعالى نبياً فأقام فيهم عشرين سنة وكان من أمرهم ما قص الله عز وجل. ومن الغريب جداً ما حكاه النقاش والماوردي أن يوسف المذكور في هذه السورة من الجن بعثه الله تعالى رسولاً إليهم، نقله الجلال السيوطي في «الإتقان» ولا يقبله من له أدنى إتقان. نعم القول بأن للجن نبياً منهم اسمه يوسف أيضاً مما عسى أن يقبل كما لا يخفى.

وقرىء { ألن يبعث } بإدخال همزة الاستفهام على حرف النفي كأن بعضهم يقرر بعضاً على نفي البعثة.

{ كَذٰلِكَ } أي مثل ذلك الإضلال الفظيع { يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } في العصيان { مُّرْتَابٌ } في دينه شاك فيما تشهد به البينات لغلبة الوهم والانهماك في التقليد.