خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ
٤
-الجاثية

روح المعاني

{ وَفِي خَلْقِكُمْ } إلى آخره، ويجوز أن يكون على ظاهره وحينئذ يكون على أحد وجهين. أحدهما: إن فيهما لآيات أي ما فيهما من المخلوقات كالجبال والمعادن والكواكب والنيرين وعلى هذا يكون قوله سبحانه { وَفِي خَلْقِكُمْ } من عطف الخاص على العام. والثاني: إن أنفسهما لآيات لما فيها من فنون الدلالة على القادر الحكيم جل شأنه، وهذا أظهر وهو أبلغ من أن يقال: إن في خلقهما لآيات وإن كان المعنى آيلاً إليه، و { فِي خَلْقِكُمْ } خبر مقدم وقوله سبحاه: { وَمَا يَبُثُّ مِن دَآبَّةٍ } عطف على خلق، وجوز في { مَا } كونها مصدرية وكونها موصولة إما بتقدير مضاف أي وفي خلق ما ينشره ويفرقه من دابة أو بدونه. وجوز عطفه على الضمير المتصل المجرور بالإضافة وما موصولة لا غير على الظاهر، وهو مبني على جواز العطف على الضمير المتصل المجرور من غير إعادة الجار وذلك مذهب الكوفيين ويونس والأخفش؛ قال أبو حيان: ((وهو الصحيح، واختاره الأستاذ أبو علي الشلوبين))، ومذهب سيبويه وجمهور البصريين منع العطف المذكور سواء كان الضمير مجروراً بالحرف أو بالإضافة لشدة الاتصال فأشبه العطف على بعض الكلمة. وذكر ابن الحاجب في «شرح المفصل» في باب الوقف منه أن بعض النحويين يجوزون العطف في المجرور بالإضافة دون المجرور بالحرف لأن اتصال المجرور بالمضاف ليس كاتصاله بالجار لاستقلال كل واحد منهما بمعناه فلم يشتد اتصاله فيه اشتداد مع الحرف وأجاز الجرمي والزيادي العطف إذا أكد الضمير المتصل بمنفصل نحو مررت بك أنت وزيد وقوله تعالى: { ءايَـٰتُ } مبتدأ مؤخر والجملة معطوفة على جملة { { إِنَّ فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ } [الجاثية: 3] الخ.

وقرأ أبـي وعبد الله { لآيات } باللام كذا في «البحر» ولم يبين أن آيات مرفوع أو منصوب، فإن كان منصوباً فاللام زائدة في اسم إن المتقدم عليه خبرها وهو أحد مواضع زيادته المطردة الكثيرة، وإن كان مرفوعاً فهي زائدة في المبتدأ ويقل زيادتها فيه، وحسن زيادتها هنا تقدم (إن) في الجملة المعطوف عليها فهو كقوله:

إن الخلافة بعدهم لذميمة وخلائف ظرف لمما أحقر

وقرأ زيد بن علي { آية } بالإفراد. وقرأ الأعمش والجحدري وحمزة والكسائي ويعقوب { آيات } بالجمع والنصب على أنها عطف على { آيات } السابق الواقع اسماً لإن و { فِي خَلْقِكُمْ } معطوف على { فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ } فكأنه قيل: وإن في خلقكم وما يبث من دابة آيات { لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } أي من شأنهم أن يوقنوا بالأشياء على ما هي عليه.