خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ
٢
-محمد

روح المعاني

{ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } قال ابن عباس فيما أخرجه عنه جماعة منهم الحاكم وصححه: هم أهل المدينة الأنصار، وفسر رضي الله تعالى عنه { { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [محمد: 1] بأهل مكة قريش، وقال مقاتل: هم ناس من قريش، وقيل: مؤمنو أهل الكتاب، وقيل: أعم من المذكورين وغيرهم فإن الموصول من صيغ العموم ولا داعي للتخصيص { وَءامَنُواْ بِمَا نُزّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ } من القران، وخص بالذكر الإيمان بذلك مع اندراجه فيما قبله تنويهاً بشأنه وتنبيهاً على سمو مكانه من بين سائر ما يجب الإيمان به وأنه الأصل في الكل ولذلك أكد بقوله تعالى: { وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّهِمْ } وهو جملة معترضة بين المبتدأ والخبر مفيدة لحصر الحقية فيه على طريقة الحصر في قوله تعالى: { { ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ } [البقرة: 2] وقولك: حاتم الجود فيراد بالحق ضد الباطل، وجوز أن يكون الحصر على ظاهره و(الحق) الثابت، وحقية ما نزل عليه عليه الصلاة والسلام لكونه ناسخاً لا ينسخ / وهذا يقتضي الاعتناء به ومنه جاء التأكيد، وأياً ما كان فقوله تعالى: { مّن رَّبّهِمُ } حال من ضمير { ٱلْحَقّ }.

وقرأ زيد بن علي وابن مقسم { نزل } مبنياً للفاعل، والأعمش { أنزل } معدى بالهمزة مبنياً للمفعول. وقرىء { أنزل } بالهمز مبنياً للفاعل { ونزل } بالتخفيف.

{ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيّئَـٰتِهِمْ } أي سترها بالإيمان والعمل الصالح، والمراد أزالها ولم يؤاخذهم بها { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } أي حالهم في الدين والدنيا بالتوفيق والتأييد، وتفسير البال بالحال مروي عن قتادة وعنه تفسيره بالشأن وهو الحال أيضاً أو ماله خطر، وعليه قول الراغب: ((البال الحال التي يكترث بها، ولذلك يقال: ما باليت بكذا بالة أي ما اكترثت به))، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "كل أمر ذي بال" الحديث ويكون بمعنى الخاطر القلبـي ويتجوز به عن القلب كما قال الشهاب. وفي «البحر» ((حقيقة البال الفكر والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب ومن صلح قلبه صلحت حاله، فكأن اللفظ مشير إلى صلاح عقيدتهم وغير ذلك من الحال تابع له))، وحكي عن السفاقسي تفسيره هنا بالفكر وكأنه لنحو ما أشير إليه، وهو كما في «البحر» أيضاً مما ((لا يثنى ولا يجمع وشذ قولهم في جمعه بالات)).