خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
٤
-الحجرات

روح المعاني

{ إَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء ٱلْحُجُرٰتِ } من خارجها، خلفها أو قدامها على أن { وَرَاء } من المواراة والاستتار فما استتر عنك فهو وراء، خلفاً كان أو قداماً إذا لم تره فإذا رأيته لا يكون وراءك، فالوراء بالنسبة إلى من في الحجرات ما كان خارجها لتواريه عمن فيها، وقال بعض أهل اللغة إن وراء من الأضداد فهو مشترك لفظي عليه ومشترك معنوي على الأول وهو الذي ذهب إليه الآمدي وجماعة.

و { ٱلْحُجُرٰتِ } جمع حجرة على وزن فُعْلة بضم الفاء وسكون العين وهي القطعة من الأرض المحجورة أي الممنوعة عن الدخول فيها بحائط، وتسمى حظيرة الإبل وهي ما تجمع فيه وتكون محجورة بحطب ونحوه حجرة أيضاً فهي بمعنى اسم المفعول كالغرفة لما يغرف باليد من الماء، وفي جمعها هنا ثلاثة أوجه، ضم العين اتباعاً للفاء كقراءة الجمهور، وفتحها وبه قرأ أبو جعفر وشيبة، وتسكينها للتخفيف وبه قرأ ابن أبـي عبلة. وهذه الأوجه جائزة في جمع كل اسم جامد جاء على هذا الوزن.

والمراد حجرات نسائه عليه الصلاة والسلام وكانت تسعة لكل منهن حجرة، وكانت كما أخرج ابن سعد عن عطاء الخراساني من جريد النخل على أبوابها المسوح من شعر أسود. وأخرج البخاري في «الأدب» وابن أبـي الدنيا والبيهقي عن داود بن قيس قال: رأيت الحجرات من جريد النخل مغشي من خارج بمسوح الشعر، وأظن عرض البيت من باب الحجرة إلى باب البيت ست أو سبع أذرع، وأحرز البيت الداخل عشرة أذرع، وأظن السمك بين الثمان والسبع. وأخرجوا عن الحسن أنه قال: كنت أدخل بيوت أزواج النبـي صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان بن عفان فأتناول سقفها بيدي، وقد أدخلت في عهد الوليد بن عبد الملك بأمره في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام وبكى الناس لذلك، وقال سعيد بن المسيب يومئذٍ: والله لوددت أنهم تركوها على حالها لينشو أناس من أهل المدينة ويقدم القادم من أهل الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته فيكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر فيها، وقال نحو ذلك أبو أمامة بن سهل بن حنيف.

وفي ذكر { ٱلْحُجُرٰتِ } كناية عن خلوته عليه الصلاة والسلام بنسائه لأنها معدة لها، ولم يقل: حجرات نسائك ولا حجراتك توقيراً له صلى الله عليه وسلم وتحاشياً عما يوحشه عليه الصلاة والسلام. ومناداتهم من ورائها إما بأنهم أتوها حجرة حجرة فنادوه من ورائها فيكون القصد إلى الاستغراق العرفي أي جميع حجرات نسائه صلى الله عليه وسلم أو بأنهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له عليه الصلاة والسلام على أن الاستغراق إفرادي لا شمولي مجموعي ولا أنه من مقابلة الجمع بالجمع المقتضية لانقسام الآحاد على الآحاد لأن من ناداه صلى الله عليه وسلم من وراء حجرة منها فقد ناداه من وراء الجميع على ما قيل، وعلى هذا يكون إسناد النداء من إسناد فعل الأبعاض إلى الكل، وقيل: إن الذي نادى رجل واحد كما هو ظاهر خبر أخرجه الترمذي وحسنه وجماعة عن البراء بن عازب، وما أخرجه أحمد وابن جرير وأبو القاسم البغوي والطبراني وابن مردويه بسند صحيح من طريق أبـي سلمة بن عبد الرحمن "عن الأقرع بن حابس أنه أتى النبـي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اخرج إلينا فلم يجبه عليه الصلاة والسلام فقال: يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين فقال: ذاك الله فأنزل الله تعالى { إَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ } الخ" ، وعليه يكون الإسناد إلى الكل لأنهم رضوا بذلك وأمروا به أو لأنه وجد فيما بينهم، وظاهر الآية أن المنادي جمع وكذا جمع من الأخبار، وسنذكر إن شاء الله تعالى بعضاً منها، وحمل / { ٱلْحُجُرٰتِ } على الجمع الحقيقي هو الظاهر الذي عليه غير واحد من المفسرين، وجوز كون الحجرة واحدة وهي التي كان فيها الرسول عليه الصلاة والسلام وجمعت إجلالاً له صلى الله عليه وسلم على أسلوب حرمت النساء سواكم، وأيضاً لأن حجرته عليه الصلاة والسلام لأنها أم الحجرات وأشرفها بمنزلة الكل على نحو أحد الوجهين في قوله تعالى: { { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ } [البقرة: 114].

وفرق الزمخشري بين { مِن وَرَاء ٱلْحُجُرٰتِ } بإثبات { مِنْ } وراء الحجرات بإسقاطها بأنه على الثاني يجوز أن يجمع المنادي والمنادي الوراء، وعلى الأول لا يجوز ذلك، وعلله بأن الوراء يصير بدخول (من) مبتدأ الغاية ولا يجتمع على الجهة الواحدة أن تكون مبتدأ ومنتهى لفعل واحد. واعترضه في «البحر» ((بأنه قد صرح الأصحاب في معاني { مِنْ } أنها تكون لابتداء الغاية وانتهائها في فعل واحد وأن الشيء الواحد يكون محلاً لهما ونسبوا ذلك إلى سيبويه وقالوا: إن منه قولهم: أخذت الدرهم من زيد فزيد محل لابتداء الأخذ منه وانتهائه معاً قالوا: ـ فمن ـ تكون في أكثر المواضع لابتداء الغاية فقط، وفي بعض المواضع لابتداء الغاية وانتهائها معاً)).

وصاحب «التقريب» بقوله: فيه نظر لأن المبدأ والمنتهى إما المنادى والمنادى على ما هو التحقيق أو الجهة، فإن كان الأول جاز أن يجمعها الوراء في إثبات { مِنْ } وفي إسقاطها لتغاير المبدأ والمنتهى، وإن كان الثاني فالجهة إما ذات أجزاء أو عديمتها، فإن كان الأول جاز أن يجمعهما في إثبات (من) أيضاً باعتبار أجزاء الجهة، وإن كان الثاني لم يجز أن يجمعهما لا في إثبات (من) ولا في إسقاطها لاتحاد المورد. ورد الأول بأن محل الانتهاء هو المتكلم ليس إلا كما ذكره ابن هشام في «المغني»، وذكر أن ابن مالك قال: إن { مِنْ } في المثال للمجاوزة، والثاني غير قادح في الفرق على ما ذكره صاحب «الكشف» قال: الحاصل أن المبدأ الجهة باعتبار تلبسها بالفاعل لأن حرف الابتداء دخل على الجهة والفعل مما ليست المسافة داخلة في مفهومه فيعتبر الأمران تحقيقاً لمقتضى الفعل والحرف، ولما أوقع جميع الجهة مبدأ لم يجز أن يكون منتهى سواء كان منقسماً أو لا، ثم لما كان الوراء مبهماً لم يكن مثل سرت من البصرة إلى جامعها إذ لا يتعين بعضها مبدأ وبعضها منتهى، على أن ذلك أيضاً إذا أطلق يجب أن يحمل على أن المنتهى غير البصرة، أما إذا عينت فيجوز مع تجوز والأصل عدمه إلا بدليل، ثم هذا الجواز فيما كانت النهاية مكاناً أيضاً أما إذا اعتبرت باعتبار التلبس بالمفعول فلا، وإذا لم يذكر حرف الابتداء لم يؤد هذا المعنى. فهذا فرق محقق ومنه يظهر أن المذكور في «التقريب» من النظر غير قادح، وما ذكر من أن التحقيق أن الفعل يبتدىء من الفاعل وينتهي إلى المفعول ويقع في الظرف وأن { مِن وَرَاء ٱلْحُجُرٰتِ } ووراءها كلاهما ظرف كصليت من خلف الإمام وخلفه ومن قبل اليوم وقبله ومعنى الابتداء غير محقق والفرق تعسف ظاهر في أن (من) زائدة لا فرق بين دخولها وخروجها وهو خلاف الظاهر وإلا لما اختلفوا في زيادتها في الإثبات لشيوع نحو هذا الكلام فيما بينهم، ومتى لم تكن زائدة فلا بد من الفرق بين الكلامين لا سيما إذا كانا من كلامه عز وجل فتدبر.

والتعبير عن النداء بصيغة المضارع مع تقدمه على النزول لاستحضار الصورة الماضية لغرابتها. والموصول اسم (إن)، وجملة قوله تعالى: { أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } خبرها وتكرار الإسناد للمبالغة، والمراد أنهم لا يجرون على مقتضى العقل من مراعاة الأدب لا سيما مع أجلِّ خلق الله تعالى وأعظمهم عنده سبحانه صلى الله عليه وسلم وكثيراً ما يُنَزَّل وجود الشيء منزلة عدمه لمقتض، والحكم على الأكثر دون الكل بذلك لأن منهم من لم يقصد ترك الأدب بل نادى لأمر ما على ما قيل، وجوز أن يكون المراد بالقلة التي يدل عليها نفي الكثرة / العدم فإنه يكنى بها عنه، وتعقبه أبو حيان بأن ذلك في صريح القلة لا في المفهوم من نفي الكثرة.

وكان هؤلاء من بني تميم كما صرح به أكثر أهل السير. أخرج ابن إسحاق وابن مردويه "عن ابن عباس قال: قدم وفد بني تميم وهم سبعون رجلاً أو ثمانون رجلاً منهم الزبرقان بن بدر وعطارد بن حاجب بن زرارة وقيس بن عاصم وقيس بن الحرث وعمرو بن الأهتم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق معهم عيينة بن حصن بن بدر الفزاري وكان يكون في كل سوأة حتى أتوا منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادوه من وراء الحجرات بصوت جاف يا محمد أخرج إلينا ثلاثاً فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد إن مدحنا زين وإن شتمنا شين نحن أكرم العرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذبتم بل مدح الله تعالى الزين وشتمه الشين وأكرم منكم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فقالوا: إنا أتيناك لنفاخرك فذكره بطوله" وقال في آخره: فقال التميميون والله إن هذا الرجل لمصنوع له لقد قام خطيبه فكان أخطب من خطيبنا وفاه شاعره فكان أشعر من شاعرنا وفيهم أنزل الله تعالى: { إَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء ٱلْحُجُرٰتِ } من بني تميم { أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } هذا في القراءة الأولى.

وذكر ابن هشام في «سيرته» عن ابن إسحاق الخبر بطوله وعد منهم الأقرع بن حابس وذكر أنه وعيينة شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنيناً والطائف؛ وأن عمرو بن الأهتم خلفه القوم في ظهرهم وأن خطيبهم عطارد بن حاجب وخطيبه صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن شماس وشاعرهم الزبرقان بن بدر وشاعره عليه الصلاة والسلام حسان بن ثابت وذكر الخطبتينِ وما قيل من الشعر وأنه لما فرغ حسان قال الأقرع: وأبـي إن هذا الرجل لمؤتى له، لَخطيبه أخطب من خطيبنا ولشاعره أشعر من شاعرنا ولأصواتهم أعلى من أصواتنا، وإنه لما فرغوا أسلموا وجوزهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم وأرسل لعمرو جائزته كالقوم، وتعقب ابن هشام الشعر بعض التعقب.

وفي «البحر» أيضاً ذكر الخبر بطوله مع مخالفة كلية لما ذكره ابن إسحاق، وفيه أن الأقرع قام بعد أن أنشد الزبرقان ما أنشد وأجابه حسان بما أجاب فقال: إني والله لقد جئت لأمر وقد قلت شعراً فاسمعه فقال:

أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا إذا خالفونا عند ذكر المكارم
وانا رؤوس الناس من كل معشر وأن ليس في أرض الحجاز كدارم
وأن لنا المرباع في كل غارة تكون بنجد أو بأرض التهائم

فقال النبـي صلى الله عليه وسلم لحسان: قم فأجبه فقال:

بني دارم لا تفخروا إن فخركم يصير وبالاً عند ذكر المكارم
هبلتم علينا تفخرون وأنتم لنا خول من بين ظئر وخادم

فقال النبـي صلى الله عليه وسلم: لقد كنت يا أخا دارم غنياً أن يذكر منك ما ظننت أن الناس قد نسوه فكان قوله عليه الصلاة والسلام أشد عليهم من جميع ما قال حسان ثم رجع حسان إلى شعره فقال:

فإن كنتم جئتم لحقن دمائكم وأموالكم أن يقسموا في المقاسم
فلا تجعلوا لله نداً وأسلموا ولا تفخروا عند النبـي بدارم
وإلا ورب البيت قد مالت القنا على هامكم بالمرهفات الصوارم

/ فقال الأقرع بن حابس: والله ما أدري ما هذا الأمر تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أحسن قولاً وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر وأحسن قولاً، ثم دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال النبـي عليه الصلاة والسلام: ما يضرك ما كان قبل هذا انتهى.

وهذا ظاهر في أن إسلام الأقرع يومئذٍ، ومعلوم أن سنة الوفود سنة تسع والطائف وحنين كانتا قبل ذلك، وتقدم عن ابن إسحاق أن الأقرع شهدهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوهم منه أنه كان مسلماً إذ ذاك فيتناقض مع هذا بل في أول كلام ابن إسحاق وآخره ما يوهم التناقض، والمذكور في «الصحاح» أنه وكذا عيينة كان إذ ذاك من المؤلفة قلوبهم. وقد روى ابن إسحاق نفسه "عن محمد بن إبراهيم أن قائلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه يوم قسمة ما أفاء الله تعالى عليه يوم حنين: يا رسول الله أعطيت عيينة والأقرع مائة وتركت جعيل بن سراقة الضمري فقال: أما والذي نفس محمد بيده لجعيل خير من طلاع الأرض كلهم مثل عيينة والأقرع ولكن تألفتهما ليسلما ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه" ، وجاء ما يدل على أنهم من بني تميم مرفوعاً. أخرج ابن مردويه من طريق يعلى بن الأشدق "عن سعد بن عبد الله أن النبـي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله تعالى: { إَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ } الخ فقال: هم الجفاة من بني تميم لولا أنهم من أشد الناس قتالاً للأعور الدجال لدعوت الله تعالى عليهم أن يهلكهم" ، وفي «الصحيحين» ما يشهد بأنهم من أشد الأمة على الدجال وجعله أبو هريرة أحد أسباب حبهم.

وظاهر كثير من الأخبار أن سبب وفودهم المفاخرة، وقال الواقدي ـ وهو حاطب ليل ـ: إن سببه هو أنهم كانوا قد جهروا السلاح على خزاعة فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن بدر في خمسين ليس فيهم أنصاري ولا مهاجري فأسر منهم أحد عشر رجلاً وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبياً فقدم رؤساؤهم بسبب أسرائهم ويقال: قدم منهم سبعون أو ثمانون رجلاً في ذلك منهم عطارد والزبرقان وقيس بن عاصم وقيس بن الحرث ونعيم بن سعد والأقرع بن حابس ورياح بن الحرث وعمرو بن الأهتم فدخلوا المسجد وقد أَذَّنَ بلال الظهر والناس ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج إليهم فعجل هؤلاء فنادوه من وراء الحجرات فنزل فيهم ما نزل، ثم ذكر أنه صلى الله عليه وسلم أجازهم كل رجل اثنتي عشرة أوقية وكساء ولعمرو بن الأهتم خمس أواق لحداثة سنه انتهى، ولعل زيادة جائزته لما نيل منه أيضاً فقد ذكر ابن إسحاق أن عاصم بن قيس كان يبغض عمراً فقال: يا رسول الله إنه قد كان رجل منا في رحالنا وهو غلام حدث وأزرى به فقال لما بلغه ذلك يخاطب قيساً:

ظللت مفترش الهلباء تشتمني عند الرسول فلم تصدق ولم تصب
سدناكم سؤدداً رهواً وسؤددكم باد نواجذه مقع على الذنب

وروي عن عكرمة عن ابن عباس أنهم ناس من بني العنبر أصاب النبـي صلى الله عليه وسلم من ذراريهم فأقبلوا في فدائهم فقدموا المدينة ودخلوا المسجد وعجلوا أن يخرج إليهم النبـي عليه الصلاة والسلام فجعلوا يقولون: يا محمد اخرج إلينا، وذكر الخفاجي أن النبـي صلى الله عليه وسلم بعث إلى قوم من العرب هم بنو العنبر سرية أميرها عيينة بن حصن فهربوا وتركوا النساء والذراري فسباهم وقدم بهم عليه عليه الصلاة والسلام فجاء رجالهم راجين إطلاق الأسارى فنادوا من وراء الحجرات فخرج صلى الله عليه وسلم فأطلق النصف وفادى / الباقي، وظاهر كلامه أنهم ليسوا من بني تميم وإن كانت هذه السرية متحدة مع السرية التي أشار إليها الواقدي فيما تقدم، ويقال: إن عيينة في الكلامين هو عيينة بن حصن بن بدر إلا أنه نسب هناك إلى جده وهنا إلى أبيه كان ذلك الكلام ظاهراً في أن القوم كانوا من بني تميم لا أناساً آخرين، وفي «القاموس» ((العنبر أبو حي من تميم)) فبنو العنبر عليه منهم فلم يخرج الأمر عنهم.