خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
١٦٤
-الأنعام

روح المعاني

{ قُلْ أَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْغِى رَبّاً } إنكار لبغية غيره تعالى رباً لا لبغية الرب ولهذا قدم المفعول، وليس التقديم للاختصاص إذ المقصود أغير الله أطلب رباً وأجعله شريكاً له، وعلى تقدير الاختصاص لا يكون إشراكاً للغير بل توحيد، وقال بعض المحققين: لا يبعد أن يقال التقديم للاختصاص. وذكر في رد دعوته إلى الغير رد الاختصاص تنبيهاً على أن إشراك الغير بغية غير الله تعالى إذ لا بغية له سبحانه إلا بتوحيده عز وجل، وما في النظم الكريم أبلغ من أغير الله أعبد ونحوه كما لا يخفى { وَهُوَ } سبحانه { رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ } جملة حالية مؤكدة للإنكار أي والحال أن كل ما سواه مربوب [له مثلي] فكيف يتصور أن يكون شريكاً له [في المعبودية].

{ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا } يروى أنهم كانوا يقولون للمسلمين: «اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم» فرد عليهم بما ذكر أي أن ما كسبته كل نفس من الخطايا محمول عليها لا على غيرها حتى يصح قولكم، وعلى هذا يكون قوله سبحانه: { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ } أي نفس آثمة { وِزْرَ أُخْرَىٰ } تأكيداً لما قبله، وقيل: إن قولهم ذلك يحتمل معنيين. الأول: اتبعوا سبيلنا وليكتب علينا ما عملتم من الخطايا لا عليكم. والثاني: اتبعوا لنحمل يوم القيامة ما كتب عليكم من الخطايا.

وقوله تعالى: { وَلاَ تَكْسِبُ } الخ رد له بالمعنى الأول؛ وقوله سبحانه: { وَلاَ تَزِرُ } الخ رد له بالمعنى الثاني، وقيل: إن جواب قولهم هو الثاني، وأن الأول من جملة الجواب عن دعواهم إلى عبادة آلهتهم يعني لو أجبتكم إلى ما دعوتموني إليه لم أكن معذوراً بأنكم سبقتموني إليه وقد فعلته متابعة لكم ومطاوعة فلا يفيدني ذلك شيئاً ولا ينجيني من الله تعالى لأن كسب كل أحد وعمله عائد عليه، ورجحه بعضهم على الأول بأن التأسيس خير من التأكيد { ثُمَّ إِلَىٰ رَبّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ } تلوين للخطاب وتوجيه له إلى الكل لتأكيد الوعد وتشديد الوعيد أي إلى مالك (أموركم و) رجوعكم يوم القيامة { فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } ببيان الرشد من الغي وتمييز الحي من اللي.