خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
١٠
-الأنفال

روح المعاني

{ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ } كلام مستأنف [سيق] لبيان أن المؤثر الحقيقي هو الله تعالى ليثق به المؤمنون ولا يقنطوا من النصر عند فقدان أسبابه، والجعل متعد إلى [مفعول] واحد وهو الضمير العائد إلى المصدر المنسبك في { { أَنّي مُمِدُّكُمْ } [الأنفال: 9] على قراءة الفتح والمصدر المفهوم من ذلك على الكسر، واعتبار القول ورجوع الضمير إليه ليس بمعتبر من القول، أي وما جعل إمدادكم بهم لشيء من الأشياء { إِلاَّ بُشْرَىٰ } أي بشارة لكم بأنكم تنصرون { وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ } أي بالإمداد { قُلُوبكُمْ } وتسكن إليه نفوسكم وتزول عنكم الوسوسة ونصب { بُشْرىً } على أنه مفعول له و { وَلِتَطْمَئِنَّ } معطوف عليه، وأظهرت اللام لفقد شرط النصب، وقيل: للإشارة إلى أصالته في العلية وأهميته في نفسه كما قيل في قوله سبحانه: { وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } [النحل: 8].

وقيل: إن الجعل متعد إلى اثنين ثانيهما { بُشْرىً } على أنه استثناء من أعم المفاعيل، واللام متعلقة بمحذوف مؤخر أي وما جعله الله تعالى شيئاً من الأشياء إلا بشارة لكم ولتطمئن به قلوبكم فعل ما فعل لا لشيء آخر والأول هو الظاهر، وفي الآية إشعار بأن الملائكة لم يباشروا قتالاً وهو مذهب لبعضهم، ويشعر ظاهرها بأن النبـي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بذلك الإمداد وفي الإخبار ما يؤيده، بل جاء في غير ما خبر أن الصحابة رأوا الملائكة عليهم السلام. وروي عن أبـي أسيد وكان قد شهد بدراً أنه قال بعد ما ذهب بصره: لو كنت معكم اليوم ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة.

{ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } أي وما النصر بالملائكة وغيرهم من الأسباب إلا كائن من عنده عز وجل، فالمنصور هو من نصره الله سبحانه والأسباب ليست بمستقلة، أو المعنى لا تحسبوا النصر من الملائكة عليهم السلام فإن الناصر هو الله تعالى لكم وللملائكة، وعليه فلا دخل للملائكة في النصر أصلاً، وجعل بعضهم القصر على الأول إفرادي وعلى الثاني قلبـي { أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } لا يغالب في حكمه ولا ينازع في أقضيته { حَكِيمٌ } يفعل كل ما يفعل حسبما تقتضيه الحكمة الباهرة، والجملة تعليل لما قبلها وفيها إشعار بأن النصر الواقع على الوجه المذكور من مقتضيات الحكم البالغة.