خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٣٢
-الأنفال

روح المعاني

قائل هذا النضر أضاً على ما روي عن مجاهد وسعيد بن جبير، وجاء في رواية أنه لما قال أولاً ما قال له النبـي صلى الله عليه وسلم: ويلك إنه كلام الله تعالى فقال ذلك. وأخرج البخاري والبيهقي في «الدلائل» عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما أنه أبو جهل بن هشام. وأخرج ابن جرير عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس أن قريشاً قال بعضها لبعض أكرم الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم من بيننا اللهم إن كان هذا هو الحق الخ وهو أبلغ في الجحود من القول الأول لأنهم عدوا حقيته محالاً فلذا علقوا عليها طلب العذاب الذي لا يطلبه عاقل ولو كانت ممكنة لفروا من تعليقه عليها، وما يقال: إن { إِن } للخلو عن الجزم فكيف استعملت في صورة الجزم؟ أجاب عنه القطب بأنها لعدم الجزم بوقوع الشرط ومتى جزم بعدم وقوعه عدم الجزم بوقوعه، وهذا كقوله تعالى: { { وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ } [البقرة: 23] وفيه بحث ذكره العلامة الثاني. واللام في { ٱلْحَقَّ } قيل للعهد، ومعنى العهد فيه أنه الحق الذي ادعاه النبـي صلى الله عليه وسلم وهو أنه كلام الله تعالى المنزل عليه عليه الصلاة والسلام على النمط المخصوص { مِنْ عِندَكَ } إن سلم دلالته عليه فهو للتأكيد وحينئذٍ فالمعلق به كونه حقاً بالوجه الذي / يدعيه النبـي صلى الله عليه وسلم لا الحق مطلقاً لتجويزهم أن يكون مطابقاً للواقع غير منزل { أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } وفي «الكشاف» ((أن قولهم: { هُوَ ٱلْحَقَّ } تهكم بمن يقول على سبيل التخصيص والتعيين، هذا هو الحق))، وزعم بعضهم أن هذا قول بأن اللام للجنس وأشار إلى أن الأولى حملها على العهد الخارجي على معنى الحق المعهود المنزل من عند الله تعالى هذا لا أساطر الأولين فالتركيب مفيد لتخصيص المسند إليه بالمسند على آكد وجه، وحمل كلام البيضاوي على ذلك وطعن في مسلك «الكشاف» بعدم ثبوت قائل أولاً على وجه التخصيص يتهكم به، ولا يخفى ما فيه من المنع والتعسف و أمطر استعارة أو مجاز لأنزل، وقد تقدم الكلام في المطر والإمطار، وقوله سبحانه: { مّنَ ٱلسَّمَاء } صفة { حِجَارَةً } وذكره للإشارة إلى أن المراد بها السجيل والحجارة المسومة للعذاب، يروى أنها حجارة من طين طبخت بنار جهنم مكتوب فيها أسماء القوم، وجوز أن يكون الجار متعلقاً بالفعل قبله، والمراد بالعذاب الأليم غير إمطار الحجارة بقرينة المقابلة، ويصح أن يكون من عطف العام على الخاص، وتعلق { مِنْ عِندِكَ } بمحذوف قيل: هو حال مما عنده أو صفة له، وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما والأعمش { ٱلْحَقُّ } بالرفع على أن { هُوَ } مبتدأ لا فصل، وقول الطبرسي: إنه لم يقرأ بذلك ليس بذاك، ولا أرى فرقاً بين القراءتين من جهة المراد بالتعريف خلافاً لمن زعمه.