خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً
٤١
-الإسراء

التحرير والتنوير

لما ذكر فظاعة قولهم بأن الملائكة بنات الله أعقب ذلك بأن في القرآن هدياً كافياً، ولكنهم يزدادون نفوراً من تدبره.

فجملة { ولقد صرفنا في هذا القرآن } معترضة مقترنة بواو الاعتراض.

والضمير عائد إلى الذين عبدوا الملائكة وزعموهم بنات الله.

والتصريف: أصله تعدد الصرف، وهو النقل من جهة إلى أخرى. ومنه تصريف الرياح، وهو هنا كناية عن التبيين بمختلف البيان ومتنوعه. وتقدم في قوله تعالى: { انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون } في سورة [الأنعام: 46].

وحذف مفعول { صرفنا } لأن الفعل نزل منزلة اللازم فلم يقدر له مفعول، أي، بينا البيان، أي ليذّكّروا ببيانه. ويذّكّروا: أصله يتذكروا، فأدغم التاء في الذال لتقارب مخرجيهما، وقد تقدم في أول سورة يونس، وهو من الذُكْر المضموم الذال الذي هو ضد النسيان.

وضمير { ليذكروا } عائد إلى معلوم من المقام دل عليه قوله: { أفأصفاكم ربكم بالبنين } [الإسراء: 40] أي ليذكر الذين خوطبوا بالتوبيخ في قوله: { أفأصفاكم ربكم } [الإسراء: 40]، فهو التفات من الخطاب إلى الغيبة، أو من خطاب المشركين إلى خطاب المؤمنين.

وقوله: { وما يزيدهم إلا نفوراً } تعجب من حالهم.

وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف { لِيَذْكُرُوا } بسكون الذال وضم الكاف مخففة مضارع ذكر الذي مصدره الذُّكر ــــ بضم الذال ــــ.

وجملة { وما يزيدهم إلا نفوراً } في موضع الحال، وهو حال مقصود منه التعجيب من حال ضلالتهم. إذ كانوا يزدادون نفوراً من كلام فُصّل وبُين لتذكيرهم. وشأن التفصيل أن يفيد الطمأنينة للمقصود. والنفور: هروب الوحشي والدابة بجَزع وخشيةٍ من الأذى. واستعير هنا لإعراضهم تنزيلاً لهم منزلة الدواب والأنعام.