خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً
٢٧
-الكهف

التحرير والتنوير

عطف على جملة { { قل الله أعلم بما لبثوا } [الكهف: 26] بما فيها من قوله: { { ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحداً } [الكهف: 26].

والمقصود من هذا الرد على المشركين إذ كانوا أيامئذٍ لا يُبَيّن لهم شيء إلا وانتقلوا إلى طلب شيء آخر فسألوا عن أهل الكهف وعن ذي القرنين، وطلبوا من النبي أن يجعل بعض القرآن للثناء عليهم، ونحو ذلك، كما تقدم ذلك عند قوله تعالى: { { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً } في سورة الإسراء (73).

والمعنى: لا تَعبأ بهم إن كرهوا تلاوة بعضِ ما أوحي إليك واتلُ جميع ما أوحي إليك فإنه لا مبدِّل له. فلما وعدهم الجواب عن الروح وعن أهل الكهف وأبرَّ اللّهُ وعدَه إياهم قطعاً لمعذرتهم ببيان إحدى المسألتين ذيل ذلك بأن أمر نبيئه أن يقرأ القرآن كما أنزل عليه وأنه لا مبدِّل لكلمات الله، ولكي لا يُطمعهم الإجابة عن بعض ما سألوه بالطمع في أن يجيبهم عن كل ما طلبوه.

وأصل النفي ب (لا) النافية للجنس أنه نفي وجود اسمه. والمراد هنا نفي الإذن في أن يبدل أحد كلمات الله.

والتبديل: التغيير بالزيادة والنقص، أي بإخفاء بعضه بترك تلاوة ما لا يرضون بسماعه من إبطال شركهم وضلالهم. وهذا يؤذن بأنهم طعنوا في بعض ما اشتملت عليهم القصة في القرآن كما أشار إليه قوله: { { سيقولون ثلاثة } [الكهف: 22] وقوله: { { ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين } [الكهف: 25].

وقد تقدم نظير هذا عند قوله تعالى: { { ولا مبدل لكلمات الله } في سورة الأنعام (34).

فالأمر في قوله: { { واتل } كناية عن الاستمرار. و{ ما أوحي } مفيد للعموم، أي كل ما أوحي إليك. ومفهوم الموصول أن ما لم يوح إليه لا يتلوه، وهو ما اقترحوا أن يقوله في الثناء عليهم وإعطائهم شطراً من التصويب.

والتلاوة: القراءة. وقد تقدم عند قوله تعالى: { { واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان } في سورة البقرة (102) وقوله: { { وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً } في الأنفال (2).

والملتحد: اسم مكان ميمي يجيء على زنة اسم المفعول من فِعله. والملتحد: مكان الالتحاد، والالتحاد: الميل إلى جانب. وجاء بصيغة الافتعال لأن أصله تكلف الميل. ويفهم من صيغة التكلف أنه مفر من مكروه يتكلف الخائف أن يأوي إليه، فلذلك كان الملتَحد بمعنى الملجأ. والمعنى: لن تجد شيئاً يُنجيك من عقابه. والمقصود من هذا تأييسهم مما طمعوا فيه.