خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً
٦١
-الفرقان

التحرير والتنوير

استئناف ابتدائي جعل تمهيداً لقوله { وعباد الرحمٰن الذين يمشون على الأرض هَوْناً } [الفرقان: 63] الآيات التي هي محصول الدعامة الثالثة من الدعائم الثلاث التي أقيم عليها بناء هذه السورة، وافتتحت كل دعامة منها بـــ{ تبارك الذي... } إلخ كما تقدم في صدر السورة. وافتتح ذلك بإنشاء الثناء على الله بالبركة والخير لما جعله للخلق من المنافع. وتقدم { تبارك } أول السورة (1) وفي قوله { { تبارك الله رب العالمين } في الأعراف (54).

والبروج: منازل مرور الشمس فيما يرى الراصدون. وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى: { { ولقد جعلنا في السماء بروجاً } في أول سورة الحجر (16).

والامتنان بها لأن الناس يُوقّتون بها أزمانهم.

وقرأ الجمهور { سراجاً } بصيغة المفرد. والسراج: الشمس كقوله: { { وجعل الشمس سراجاً } في سورة نوح (16). ومناسبة ذلك لما يرد بعده من قوله: { { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة... } [الفرقان: 62].

وقرأ حمزة والكسائي { سُرُجاً } بضم السين والراء جمع سراج فيشمل مع الشمس النجوم، فيكون امتناناً بحسن منظرها للناس كقوله { { ولقد زيّنَّا السماء الدنيا بمصابيح } [الملك: 5]. والامتنان بمحاسن المخلوقات وارد في القرآن قال تعالى: { ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون } [النحل: 6].

والكلام جار على التشبيه البليغ لأن حقيقة السراج: المصباح الزاهر الضياء. والمقصود: أنه جعل الشمس مزيلة للظلمة كالسراج، أو خلق النجوم كالسراج في التلألؤ وحسن المنظر.

ودلالة خلق البروج وخلق الشمس والقمر على عظيم القدرة دلالة بينة للعاقل، وكذلك دلالته على دقيق الصنع ونظامه بحيث لا يختل ولا يختلف حتى تسنى للناس رصد أحوالها وإناطة حسابهم بها.