خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ
٥٨
ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٥٩
-العنكبوت

التحرير والتنوير

عطف على جملة: { { والذين آمنوا بالباطل } [العنكبوت: 52].
وجيء بالموصول للإيماء إلى وجه بناء الخبر، أي نُبَوِّئَنهم غرفاً لأجل إيمانهم وعملهم الصالح.
والتبوئة: الإِنزال والإِسكان، وقد تقدم عند قوله تعالى:
{ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ } في سورة يونس (93). وقرأ الجمهور: [لَنُبَوِّئَنَّهُم] بموحدة بعد نون العظمة وهمزة بعد الواو. وقرأ حمزة والكسائي وخلف: { لَنُثَوِّيَنَّهم } بمثلثة بعد النون وتحتية بعد الواو من اثواه بهمزة التعدية إذا جعله ثاوياً، أي مقيماً في مكان.
والغُرَف: جمع غُرفة، وهو البيت المعتلَى على غيره. وتقدم عند قوله تعالى:
{ أولئك يُجْزون الغرفة } في آخر سورة الفرقان [75].
وجملة: { نَعْمَ أجر العَامِلِين } الخ.. إنشاء ثناء وتعجيب على الأجر الذي أعطُوه، فلذلك قطعت عن العطف. وقوله: { الذِينَ صَبَرُوا } خبر مبتدأ محذوف اتباعاً للاستعمال والتقدير: هم الذين صبروا. والمراد: صبرهم على إقامة الدين وتحمل أذى المشركين، وقد علموا أنهم ملاقوه فتوكلوا على ربّهم ولم يعبأوا بقطيعة قومهم ولا بحرمانهم من أموالهم ثم فارقوا أوطانهم فراراً بدينهم من الفتن.
ومن اللطائف مقابلة غشيان العذاب للكفار من فوقهم ومن تحت أرجلهم بغشيان النعيم للمؤمن من فوقهم بالغرف ومن تحتهم بالأنهار.
وتقديم المجرور على متعلّقه من قوله: { وعلى ربهم يتوكلون } للاهتمام. وتقدم معنى التوكل عند قوله:
{ فإِذا عزمت فتوكل على الله } في سورة آل عمران [159].