خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ
٥٨
كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
٥٩
-الروم

التحرير والتنوير

لما انتهى ما أقيمت عليه السُورة من دلائل الوحدانية وإثبات البعث عقب ذلك بالتنويه بالقرآن وبلوغه الغاية القصوى في البيان والهدى.

والضرب حقيقته: الوضع والإلصاق، واستعير في مثل هذه الآية للذكر والتبيين لأنه كوضع الدالِّ بلصق المدلول، وتقدم في قوله تعالى: { { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما } [البقرة: 26] وتقدم أيضاً آنفاً عند قوله { { ضرَب لكم مثلاً من أنفسكم } [الروم: 28]، وهذا كقوله تعالى { { ولقد صرفنا للناس في هذا القرءان من كل مثل } المتقدم في سورة الإسراء (89)، و(الناس) أُريد به المشركون لأنهم المقصود من تكرير هذه الأمثال، وعطف عليه قوله { ولئن جئتهم بآية } الخ فهو وصف لتلقي المشركين أمثال القرآن فإذا جاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم بآية من القرآن فيها إرشادهم تلقوها بالاعتباط والإنكار البحت فقالوا { إن أنتم إلا مبطلون }.

وضمير جمع المخاطب للنبي صلى الله عليه وسلم لقصد تعظيمه من جانب الله تعالى، وإنما يقول الذين كفروا: إن أنت إلا مبطل، فحكي كلامهم بالمعنى للتنويه بشأن الرسول عليه الصلاة والسلام. وقيل: الخطاب للرسول والمؤمنين فهو حكاية باللفظ. وهذا تأنيس للرسول عليه الصلاة والسلام من إيمان معانديه، أي أيمة الكفر منهم، ولذلك اعتُرض بعده بجملة { كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون } بين الجملتين المتعاطفتين تمهيداً للأمر بالصبر على غلوائهم، أي تلك سنة أمثالهم، أي مثل ذلك الطبع الذي علمتَه يَطبع الله على قلوبهم، وقد تقدم في قوله تعالى { { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } في سورة البقرة (143) وفي مواضع كثيرة من القرآن.

والطبع على القلب: تصييره غير قابل لفهم الأمور الدينية وهو الختم، وقد تقدم في قوله تعالى { { ختم الله على قلوبهم } في سورة البقرة (7).

{ والذين لا يعلمون } مراد بهم الذين كفروا أنفسهم، فعدل عن الإضمار لزيادة وصفهم بانتفاء العلم عنهم بعد أن وصفوا: بالمجرمين، والذين ظلموا، والذين كفروا.